الجدار الأمني.. مفخرة القوات المسلحة الملكية

الجدار الأمني.. مفخرة القوات المسلحة الملكية عبد الرحيم أريري

ربّ ضارة نافعة.. والمناوشات "الصبيانية" التي قامت بها حفنة من عصابة البوليساريو واستعراض القوة عند معبر الكَركَرات (منذ 21 أكتوبر 2020)، جعل العالم يتفرج على فاصل "كوميدي" من حركة إرهابية بدأت تتآكل وتتفتت على جدار أمني بني بأكتاف شهداء الصحراء. التدخل العسكري المغربي لتطهير المعبر الحدودي بين المغرب وموريتانيا من "طفيليات" البوليساريو يوم 13 نونبر 2020 حظي بدعم دولي.

 

معبر الكَركَرات ليس مجرد معبر، بل هو جسر غذائي وإنساني بين بلدين جارين. لكن الإشراقات التي حققتها الدبلوماسية المغربية في قضية الصحراء وتسونامي افتتاح القنصليات بالأقاليم الجنوبية أثار سعار جنيرالات الجزائر الذين أعطوا الضوء الأخضر لميليشيات البوليساريو لتشل معبر الكَركَرات، لاستغلالها كطعم. لكن البوليساريو والجزائر هما من ابتلعتا الطعم، وكان حصار المعبر فرصة انتظرها المغرب لاستكمال بناء الجدار الأمني في المقطع القصير المتبقي الكَركَارات.

 

قصة الجدار الأمني بالصحراء، قصة يجب أن تحكى كل يوم لكل مغربي ومغربية، لأن هذا الجدار يعد مفخرة لفرق الهندسة العسكرية ومفخرة لكل جندي بالقوات المسلحة الملكية.

 

الجدار الأمني حقق للمغرب ما لم يكن يحلم به أي مخطط. إذ بعد تسعة أعوام من بناء 2400 كيلو متر من الجدار الأمني (1976 - 1985)، عرفت الأقاليم الصحراوية تحولات عمرانية ومجالية عبر شق الطرق والقنوات والمطارات والموانئ والمدن الجديدة ودينامية اقتصادية لافتة، وهي الدينامية التي يمكن التأريخ لبدايتها الحقيقية مع مارس 1985، تاريخ إعلان الملك المرحوم الحسن الثاني عن الانتهاء من بناء آخر شطر من الجدار. أي في ظرف 20 سنة ما كان للموارد البشرية المدنية والاستثمارات العمومية والخصوصية أن تتدفق على المنطقة الصحراوية لولا الجدار الأمني الذي أمن نصف مساحة المغرب تقريبا.

 

جني الثمار

إذ في بداية استرجاع الصحراء كان صعبا على أي مستثمر أن يغامر بالذهاب للصحراء، وكان مستحيلا على أي مدني أن ينتقل من الشمال ليستقر بالصحراء بسبب كثرة الهجومات التي كانت تقودها الجزائر والبوليساريو طوال أواسط السبعينيات وبداية الثمانينيات. وهو ما قاد (أي تناسل الاعتداءات والهجوم على المراكز الحضرية والتجمعات البشرية بالمغرب) السلطات المركزية إلى التفكير في إيجاد حل عسكري أبدي يحمي العباد والبلاد، فتم الاهتداء إلى بناء الجدار الأمني الذي يحق فعلا للجندي المغربي أن يتباهى به ويفتخر به كأحد أهم المنجزات التي نفذها حوالي 140 ألف جندي بالقوات البرية المرابطين بالصحراء، معززين بالطيران الحربي الذي كان يؤمن لهم الممرات أو يطارد البوليساريو والجيوش الجزائرية في هذا المخبأ أو ذاك.

 

نصب الوفاء

وإذا كان الجندي المغربي قد أنجز ما يستحق الكتابة عنه عبر بناء هذا الجدار، فعلى السياسي أن يبادر إلى اتخاذ قرار يستحق الكتابة عنه بعد الوفاة أيضا، ألا وهو إصدار الأمر بإحداث نصب تذكاري في عاصمة المغرب يتضمن أسماء كل الجنود المغاربة وضباط الصف والضباط الذين استشهدوا في الصحراء، حتى يحس المواطن أن المجتمع المغربي لا يتنكر لأي أحد من أبنائه. هذا المواطن الذي سنحتاج لتعبئته غدا أو بعد غد لاسترجاع سبتة ومليلية.