مصطفى بن شريف: قراءة في أحداث معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا

مصطفى بن شريف: قراءة في أحداث معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا مصطفى بن شريف

منذ ثلاثة أسابيع وعناصر موالية لجبهة البوليزاريو تحكم إغلاق المعبر الحدودي الكركرات، الرابط بين المغرب وموريتانيا، الأمر الذي عطل الحركة التجارية، وأوقف تنقل الأشخاص بشكل كامل، بين دولتين شقيقتين، المغرب وموريتانيا، وإلى باقي دول الساحل الإفريقي، بشكل مخالف للشرعية الدولية، وللقواعد المؤطرة للاتفاقيات الثنائية، ومن أهمها اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة برعاية الأمم المتحدة، بين المغرب وجبهة البوليزاريو.

 

 ومن منطلق وحدوي، وبقناعة سياسية راسخة، فإن خلق كيانات مصطنعة، يندرج ضمن استراتيجية تفتيت الدول العربية وتمزيقها، وهو أمر يتعارض مع المبادئ المؤسسة لوحدة الدول، القائمة على وحدة المصير والسيادة الوطنية.

 

إن  حرية التجارة وتنقل الاشخاص بين المغرب وموريتانيا، هو من الحقوق المرعية دوليا، وهي غير قابلة للمساس أو أن تكون موضوع ابتزاز سياسي، وهي تساهم في تنمية الروابط الاقتصادية والتجارية بين المغرب وموريتانيا وباقي دول جنوب الصحراء.

 

إن تعنت جبهة البوليزاريو، واعتمادها سياسة استفزازية اتجاه المغرب، ومحاولة المساس بحقوقه التاريخية للنيل من سيادته الوطنية، يشكل تعديا على الشرعية الدولية.

 

وإقدام المغرب على إعادة فتح المعبر الحدودي الكركرات، تم بشكل مطابق للأعراف والقوانين الدولية، بالنظر إلى ثبوت تصرف المغرب في إطار مبدأ الدفاع الشرعي، ودون استخدام القوة العسكرية المتعارف عليها في النزاعات المسلحة. والاحتكام إلى الحوار والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة يشكل المدخل الأساسي والوحيد لتسوية النزاع بالطرق السلمية، عوض التلويح بالحرب والدخول مجددا في نزاع مسلح مع المغرب، لأن ذلك لن يكون لا مجديا ولا منتجا لتفاهمات وحلول سياسية كفيلة بتسوية النزاع حول الصحراء.

 

التسوية السياسية تعتبر هي المدخل والمخرج لنزاع الصحراء، عن طريق فتح مفاوضات مباشرة بين المغرب والجزائر من أجل طي صفحة الماضي، والعمل سويا وضمن مقاربة تشاركية، على إنهاء النزاع وضمان عودة جميع الصحراويين المغاربة إلى أرض الوطن/ المغرب، ضمن مخطط سياسي يكفل لهم الكرامة، والخصوصية، والعيش الكريم، في إطار الحكم الذاتي وضمن الدولة المغربية الموحدة، في أفق بناء اتحاد مغاربي قوي.

 

إن استمرار الصراع، وتحويله إلى نزاع عسكري مع المغرب من طرف البوليزاريو، يستدعي من المغرب تعزيز شروط الإجماع الوطني، عن طريق اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، والدخول عمليا في تنفيذ مخطط النهوض بالاقتصاد الوطني من اجل تنمية حقيقية منتجة للثروة والقطع مع سياسة الريع والامتيازات.

 

ومن جهة ثانية، يلاحظ بأن وظيفة المينورسو MUNIRSO لم تعد مجدية ولا ضرورية، لعدم وجود ما  يبرر استمرارها، ما دام أن السبب الناشر لها لم يعد يشكل أحد مفاتيح الحل، لعدم إمكانية واستحالة تطبيقه على الأرض، بالنظر إلى التفارق الواضح بين رؤية المغرب للاستفتاء ورؤية البوليزاريو، وهو السبب الذي دفع بالمغرب إلى تقديم بديل  متوازن ومنطقي لحل النزاع، قابل للتطبيق، وهو المتمثل في مقترح الحكم الذاتي الذي حظي بموافقة مبدئية من طرف مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة.