المصطفى الفارح: النهج الديمقراطي يضرب تحت الحزام في الكركارات

المصطفى الفارح: النهج الديمقراطي يضرب تحت الحزام في الكركارات المصطفى الفارح

هل كان علينا أن ننتظر أزمة الكركارات واشتداد العداء الخارجي لبلدنا ولمشروعية حقوقنا من قبل عدو لم تزده انتصاراتنا السياسية والعسكرية سوى غضبا وبؤسا وحقدا وميولات انتحارية أقوى من أي وقت مضى، لكي نعرف أعداءنا الذين يعيشون بين ظهرانينا، بعضهم لا يخفي عداءه لوطن يعيش فيه وينعم بخيراته ويعتبر الريع الذي تمده إليه الدولة حقا له من ثروات البلد؛ وآخرون يشهرون الولاء للوطن بشروط أقرب إلى العداء منها للولاء، يتخفون في صفة مواطنين مغاربة، يحملون بطاقات تعريف وجوازات سفر وبطاقات حماية اجتماعية وحتى أرقام تأجير أو معاش لوزارة المالية يتقاضون بموجبه راتبا محترما يصرف جزء كبير منه في القيام بأعمال من شأنها المساهمة بمعية العدو الخارجي في إحداث ضرر يكون بالغا عندما يصدر في أوقات خاصة يكون فيها الوطن في حاجة لكل أبناءه ولكل مكوناته ومقوماته... يستغلون الوضع ويقومون بعمليات ابتزاز سياسي ومادي مشينة يستقوون بالخارج وبلوبيات تحيا على الريع وتتاجر في حقوق الناس والإنسان وتبيع الوطن في المزاد، لمن يدفع أكثر وللأقوى؟

 

كيف أصبح الذين كانوا بالأمس يصنفون في دائرة المتخاذلين أكثر وطنية وحبا للوطن ممن كانوا مستعدين للموت من أجل الوطن؟ هل هو الوطن تغير أم هم فقدوا البوصلة وضاع منهم مفتاح الوطنية وبقي لهم معول هدم النظام الذي أخفوه لسنوات حتى أتى عليه الصدأ ولم يعد صالحا لأي شيء فحاولوا شحذه ليضربوا به عشوائيا علهم يصيبون به بعض أطراف الوطن؟

 

بيان حزب النهج الديمقراطي لا يقلقنا إلا لكونه صادر من فصيل اعتبرناه لا يمكن إلا أن يرجح كفة العقل والواقعية السياسية في موقفه من قضية المغرب والمغاربة الأولى. لماذا هذا التغريد خارج السرب؟ هل هذا الفصيل أكثر وطنية منا جميعا؟ أم هي ضربة معلم تصيب اليسار إصابة بليغة، قبل أي جهة أخرى، في وقت يستعد فيه الجميع وتراهن القوى الحية في البلاد، ويحذوها الأمل الكبير في رص الصفوف من أجل خوض معركة حاسمة في تاريخ البلاد من أجل الخروج من الحجر الإخواني الذي إذا تمكن من عهدة انتخابية أخرى ستكون انتكاستنا كبيرة وقوية وقد تعصف بكل الآمال في بناء دولة ديمقراطية حقيقية تضع حدا للمتاجرة بالدين وبالسياسة. فضيحة النهج الديمقراطي جاءت لتغطي على فضائح تجار الدين ولتعطيهم فرصة لاستعادة قوتهم ولملمة أطرافهم، بعد الضربات القوية التي لحقت بهم جراء انكشاف نفاقهم وفسادهم السياسي والديني والأخلاقي.

 

لم يكن تقرب فصيل النهج الديمقراطي وبعض من يعتبرون أنفسهم أقطاب أو فعاليات يسارية من جماعة العدل والإحسان ومن حزب العدالة والتنمية، بسبب التقارب أو انسجام المواقف من بعض قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في المغرب، كما يحاول دهاقنة المشروع الترويج لذلك وتسويقه، إنه عمل في منتهى الذكاء، الهدف من ورائه هو إجهاض كل مشروع توحيد قوى اليسار وخلق جبهة قادرة على بث روح النضال الديمقراطي واستعادة المبادرة وإعادة قطار السياسة إلى سكته الصحيحة بعد أن تم اختطافه في ليل الربيع العربي. هذا الربيع العربي الذي ذهب أحد الذين يحسبون على اليسار، أو كانوا يحسبون عليه، إلى حد اعتبار أحداث "إكديم إيزيك" شرارته الأولى!!!!! هكذا يجرؤ البعض على تزوير التاريخ وإعطاء مشروعية ديمقراطية وإنسانية  لحدث انفصالي مدبر بأيادي خارجية أجنبية وبتآمر مع خونة انفصاليين من الداخل.

 

لقد اعتقدت بسطحية الطرح في البداية لصاحبه عبد الصمد بلكبير، لكنني اندهشت لاحقا عندما تم اعتبار أحداث الكركارات نسخة ثانية لأحداث إكديم إيزيك. مقاربة لا تستقيم إطلاقا سواء على مستوى المكان أو الزمان أو الأهداف، وإن كان الحدثان يهدفان في جوهرهما إلى التشويش على مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي تلاقي الترحيب من طرف المجتمع الدولي نظرا لمصداقيتها ولواقعيتها، وخصوصا بعد أن تأكد للجميع بأن المشكل مغربي-جزائري، وما البوليساريو سوى أداة توظفها الجزائر في تصفية حساباتها مع المغرب ولأهدافها الجيوسياسية ومن أجل الضغط على موريتانيا ومحاولة جعلها حديقة خلفية لها، وهو ما فضحه الملك الراحل الحسن الثاني، رحمه الله، عندما عرض عليه حكام الجزائر تخليهم عن قضية  الصحراء مقابل تخلي المغرب عن مساندة ودعم موريتانيا، وهو الأمر الذي لم يحدث ولن يحدث أبدا.