المصطفى رياني: بديل الحكم الذاتي في الصحراء المغربية

المصطفى رياني: بديل الحكم الذاتي في الصحراء المغربية المصطفى رياني

تعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب حلا واقعيا وعمليا وذو مصداقية لمعالجة إشكالية الانفصال من طرف البوليساريو التي أخلت باتفاق 1991 بإغلاق المعبر الحدودي للكركرات  والتواجد بالمنطقة العازلة التي تخضع لمراقبة الأمم المتحدة.

هذا في وقت تعامل المغرب بحكمة ومرونة في بحثه الدائم من أجل إنهاء النزاع بشكل نهائي بحل سياسي يرضي الجميع يقضي بعودة اللاجئين المحاصرين في تندوف من طرف البوليساريو والاستفادة من حكم ذاتي في إطار الجهوية  المتقدمة التي يعمل المغرب على بنائها رغم اكراهات الأزمة الاقتصادية والوبائية.

وبكل موضوعية يمكن القول أن المناطق الصحراوية استفادت وتستفيد من مشاريع تنموية  اقتصادية واجتماعية وعمرانية غيرت كثيرا واقع هذه المناطق نحو الأفضل، بعدما كانت خاضعة تحت السيطرة الاسبانية الاستعمارية التي عملت على نهب خيراتها بدون أن تكلف نفسها إقامة مشاريع اقتصادية تستفيد منها الساكنة.  فقام المغرب بمجهودات كبيرة لانتشال المواطنين الصحراويين من التخلف والفقر بالرغم من الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي مر منها منذ السبعينات والبناء الديمقراطي العسير الذي ظل يعاني من أعطاب ومعيقات أثرت على البناء الديمقراطي للمؤسسات أفرزت النزعة الانفصالية و أدخلت المغرب في حرب طاحنة أودت بحياة أبناء الوطن دفاعا عن الوحدة الترابية للمغرب وحقوقه المشروعة في أرضه.

لا نحتاج إلى التأكيد أن الصحراء مغربية بحجج التاريخ الذي يؤكد ارتباط القبائل الصحراوية بالدولة المغربية وسيادته بعيدا عن أية مزايدات سياسية. تؤكد تنوع المغرب الثقافي والمجالي ضمن الوحدة الوطنية للمغرب التي توحد الجميع أمازيغ وعرب وصحرايين ضمن هوية مركبة تحتم التعايش والتضامن والتعاون من أجل التنمية والتقدم.

في نفس الوقت تفترض هذه الهوية المندمجة الاستمرار في بناء مؤسسات ديمقراطية قوية تعمل بفعالية لخدمة مصلحة الشعب المغربي من طنجة إلى الكويرة ضمن تصور ديمقراطي خلاق يستمد أسسه ودعائمه من كونية حقوق الإنسان ودستور ديمقراطي   للعمل من أجل تصحيح أعطاب ومعيقات الديمقراطية  لمعالجة جميع المشاكل بهدف صون البلاد من أية نزعة انفصالية تعرض الوطن لمتاهات مفتوحة على المجهول في عالم يتحكم فيه نظام العولمة الذي يعمل على تفكيك الدول  وتقسيمها.

إن المغرب عبر بشكل مستمر عن التزامه بالتسوية السلمية في إطار الحكم الذاتي كحل توافقي ينصف الجميع كما تعامل مع الجهة الجنوبية خصوصا بمقاربة حقوقية وتنموية تعطي مؤشرات إيجابية ومطمئنة للانخراط بشكل ايجابي في عملية التسوية السياسية لملف الصحراء بشكل نهائي. لكن وحسب تتبع مجريات الأحداث يتضح أن البوليساريو تفتقد لاستقلالية القرار السياسي وخضوعها لوصاية النظام الجزائري الذي أصبح يناور بقضية اللاجئين ويستخدم البوليساريو لمعاداة المغرب في ملف عمر طويلا.

فأصبحت بذلك الجزائر تعرقل مسار التسوية عبر خلق التوتر وبلقنة المنطقة عوض الانخراط الايجابي من أجل  حل الملف والعمل على الاندماج المغاربي لتحقيق آمال شعوبها في الديمقراطية والتنمية.

وعليه، فالمغرب قادر على ربح الرهانات وعلى رأسها رهان الديمقراطية والحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية والتنمية الشاملة في إطار الوحدة الوطنية والتعدد الثقافي. وهذه الغاية ممكنة بفضل بوصلة العقل الديمقراطي و نجاعته  التدبيرية كرافعة أساسية لبناء مجتمع يرتكز على مشاركة المواطنين في صنع القرار السياسي لتحقيق التنمية وترسيخ الحقوق المجالية والاقتصادية والاجتماعية في إطار الجهوية المتقدمة. وذلك بإرادة جميع المغاربة لبناء الثقة في المؤسسات الدستورية حتى تشتغل بمصداقية وفعالية أكبر لخدمة مصالح المجتمع والمواطنين بدون تمييز في إطار دولة الحق والقانون.

إنه الأفق الممكن الذي يجعل من الديمقراطية الحقيقية وثقافتها مفتاحا وبديلا لمعالجة أعطاب مجتمعنا المعاصر وخاصة الهشاشة والفقر و نزعة الانفصال.