أحمد الحطاب: تعامل السياسي مع المعرفة

أحمد الحطاب: تعامل السياسي مع المعرفة أحمد الحطاب
أولا، لا بد من التوضيح أن المعرفةَ التي يُنتجها البشر معرفة نسبية، بمعنى أنها وليدة زمان ومكان معيَّنين.
و"نسبية" تعني هنا أنها غير ثابتة وغير نهائية، فعندما يتغير الزمان والمكان، فهذا يعني أن ظروف عمل المُنتجَ تغيَّرت وبالتالي تتغيَّر نظرته للأشياء. فإما أن يُغيِّر ما أنتجه سابقا من معرفة وإما أن يستغني عن المعرفة السابقة لتحُلَّ محلَّها معرفة جديدة.
 
في عالم السياسة، تعامل السياسي مع المعرفة تعاملٌ ديماغوجي، حيث يجرِّد هذه المعرفة من زمان ومكان إنتاجها ليُظهِرها للناس كحقيقة مُطلقة. 
لهذا، نرى السياسي يحاول دائما فرضَ آرائه وأفكاره على الآخرين ولتمرير هذه الحقائق، تراه يلجأ إلى الصُّراخ والإنفعال والتظاهر بالتأثًّر إلى غير ذلك من وسائل الإقناع، علما أن هدفه الأول والأخير هو زرعُ بل غَرْز أفكارِه في أدمغة المواطنين. 
 
ولا داعي للقول أن هذا النوعَ من السياسيين ينجحون بكل سهولة في غرس أفكارهم لدى شريحة عريضة من المواطنين الذين، بحكم أميتهم وجهلهم لمكر هؤلاء السياسيين، ينساقون مع أفكارهم و يُؤمنون بها. 
 
وهنا، لا بدَّ من الإشارة أنه في بلدنا السعيد، عندما يصل أحد السياسيين إلى منصب من أعلى المناصب، تتنوَّع حقائقه المُطلقة وبقدرة قادر، يُصبح عارفاً في كل شيء. 
 
وهذا النوع من السياسيين، الحاملين للحقائق المُطلقة، من الصعب أن يقبلوا الحوارَ والنقاشَ وتبادلَ الأفكار. بل إنهم لا يرضون أن يستشيروا مع الآخرين لأن نرجِسِيتَهم  تحول دون ذلك.