انتقال الهجرة المغربية من هجرة ذكورية الى هجرة نسوية
كما أشار اليزمىفي مداخلة بعنوان " المتغيرات الاجتماعية لدى مغاربة العالم" الى عولمة الهجرة المغربية،وتنوعهاوتجددهاوتمثيلها لمختلف جهات المملكة ولمهن مختلفة موضحا أن المهاجرين المغاربة أصبحوا حاليا من بين أبرز الفاعلين الاقتصادين والمقاولينبدول الاستقرار كإيطاليا التي يمثل المغاربة بها أكبر نسبة من المقاولين من خارج أوربا وفي المرتبة الثانية بإسبانيا.
وتواجه لمرأة المغربية المهاجرةفي بلدان الإقامة، إكراهات خاصة على مستوى الأحوال الشخصية التي تعتبر ميدانا للتنازع بين الأنظمة القانونية لبلدان الإقامة ومدونة الأسرة، كمسطرة إبرام زواج المغاربة بالخارج، ونظام تنفيذ الأحكام الأجنبية المرتبطة بالطلاق والتطليق بالمغرب، وأيضا حضانة الأطفال.
التحاق المرأة المهاجرة بسوق العمل في مهن متواضعة
وفي هذا الصدد ذكر اليزمى،بأن المرأة التي كانت عادة ما تنتقل الي بلدان الاستقرار في اطار مسطرة التجمع العائلي،في الوقت الذى أصبحت منذ ال 20 سنة الماضية، تهاجر بمفردها بحثا عن فرص العمل.وساهمتكذلك بطالة الرجال الى التحاق المرأة المهاجرة بسوق العمل في مهن متواضعة كقطاع النظافة، وهو ما يجعلها عرضة لمعاناة من كافة أشكال التمييز بسب بلدها الأصلي والطبقية والنوع الاجتماعي.
وإذا كان من بين مميزات الهجرة المغربية التي مر عليه الآن مدة قرن من الزمان، الشيخوخة التي طالت جيلها الأولى، لكن مع استقرار دائم ببلاد الاستقرار عوض البلد الأصلي - يضيف رئيس مجلس الجالية المغربية- الذى لاحظ أن الفئات الشابة من أصول مغربية، أضحت حاملة لقيم دول الاستقرار، مما يتطلب بذل المزيد من الجهود في لتعزيز مسلسل اندماج أبناء الهجرةعبر المزج بين الإرث المجتمعي والثقافي والديني الوطني وبين متطلبات الواقع الاجتماعي لبلدان الإقامة.
بيدوإن كانت مقاربة الإشكاليات التي تواجهها المرأة المهاجرة ترتبط أساسا بالقانون للعلاقات الأسرية، فإن سبل تحسين وضعيتها، تجد مجالها الأوسع من خلال ما تقدمه الاتفاقيات الدولية ذات الصلة من حلول، تستحضر خصوصية هذه النزاعات، والاكراهات الناجمة عن تعدد قوانين الدول المؤطرة للموضوع، فضلا عنأن الرقي بوضعية المرأة المهاجرة يرتبط ارتباطا وثيقا من جهة بالتعريف بالاتفاقيات الثنائية بين المغرب والعديد من الدول لا سيما تلك التي تتواجد بها جالية مغربية مهمة أو من خلال انضمامها للاتفاقيات متعددة الأطراف سيما تلك الصادرة عن مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص، وأيضا بالإمكانيات والحلول التيتتيحها هذه الاتفاقيات وحسن تفعيلها وتنسيق الجهود من طرف جميع المتدخلين والمكلفين بتطبيقهاحسب ما ذكر الكاتب العام لرئاسة النيابة العامةهشام البلوى في الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء.
استراتيجية جديدة وتكوين القائمين على إنفاذ اتفاقيات التعاون في المادة الأسرية
كما يتطلب من جانب آخر- يقولهشام البلوى- وضع استراتيجية تمكن من التفكير في الاقدام على ابرام اتفاقيات أخرى، من نفس القبيل مع الدول التي تعرف تواجدا لأفراد الجالية المغربية بها، وإعادة النظر فيما سبق إبرامه، قصد ملاءمته مع المستجدات التشريعية، مشددا كذلك على ضرورة تكوين القائمين على إنفاذ اتفاقيات التعاون القضائي القانوني في المادة الأسرية، على مضامين هذهالاتفاقيات وما تقدمه من حلول إحدى الرهانات التي يتعين كسبها في أفق التفعيل الجيد لبنودها، بما يكرس المكانة التي أولاها الدستور.
ويطرحالاختلاف بين الأنظمة القانونية بدول المهجر-خاصة الأوروبية - والمنظومة القانونية المغربية في مجال الأسرة، عدة تساؤلات حول مدى قابلية تطبيق بعض مواد مدونة الأسرة من طرف هذه الدول، دون اعتبارها منافية لنظامها العام حيث إن معيار نجاح أي نص قانوني - كمدونة الأسرة، لا يتوقفبالضرورة -على ملامسته للإشكالات ذات الطبيعة الوطنية فقط، بل بقدرته على الانسجام مع الأنظمة القانونية الأجنبية، حسب وزير العدل محمد بنعبد القادر.
وفي هذا السياق أكد وزير العدل في كلمة ألقاه بالنيابة عنه الكاتب العام للوزارة عبد الإله لحكيم بناني، أن الحل ليس دائما في تغيير النصوص أو البحث عن تجويد الإطار القانوني الساري المفعول، إذ لا يمكن لأي قانون - مهما بلغت شموليته - أن يجيب على كل التساؤلات المطروحة، لاسيما إذا كان الأمر يتعلق بحياة يومية، وبنوازل كثيرة ومعقدة في بعض الأحيان، بل لابد من الحرص على التطبيق السليم لهذه النصوص، وتفعيلها بالشكل المطلوب، وتفسيرها وتأويلها بالكيفية التي تسد بعض الثغرات التي أبان عنها الواقع العملي.
وهذا الدور هو الذي يضطلع به القضاء عبر الأحكام التي يصدرها في الموضوع، وبخاصة تلك المتعلقة بتذييل الأحكام والعقود الأجنبية بالصيغة التنفيذية، فضلا عن أن الحماية القانونية وإن كانت ترتكز على الإطار القانوني سواء وطنيا أو دوليا. غير أن ذلك لا يكفي وحده لبلوغ الغاية، لذا يجب المواكبة والتتبع في الميدان، ومعالجة القضايا التي تطرح بما يتلاءم وواقعها المعيش واحتياجاتها.
عدم تناغم قوانين البلد الأصل وبلد الإقامة يجعل المرأة المهاجرة بين نارين
أما الأستاذة نسرين رودان عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء فاعتبرت في مداخلتها بعنوان " حماية حقوق المرأة المهاجرة المغربية من خلال الاتفاقيات الدولية"، أن عدم التناغم بين قوانين البلد الأصل وبلد الإقامة، يبقى عائقا مما يجعل المرأة المهاجرة "ما بين نارين"خصوصا إذا كانت متزوجة من رجل لا ينتمى الى البلد الذى تنتمى اليه هذه المرأة، وهذا يضعها في مأزق قانوني تزداد حدته ببلاد المهجر على الرغم من أن القاعدة القانونية المعتمدة تشير الى أن المهاجرين تطبق عليهم في غالب الأحيان القوانين والتشريعات المعتمدة في بلدانهم.
وشددت على ضرورة إيجاد حلول بديلة للمشاكل الناجمة عن تعارض القوانين الوطنية وقوانين دول الإقامة الشيء الذي " يفرض وضع حلول وسطى"، لتفادى مثل هذه المشاكل، مع التساؤل حول مدى قدرةالاطار القانوني على توفير الضمانات الكفيلة بحماية المرأة المغربية وصيانة حقوقها سواء داخل أسرتها أو في محيطها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي.
ويقتضى التطبيق العملي لمدونة الاسرةفي الوقت الراهن، القيام بوقفة تأمل لرصد ما تم تحقيقه من مكتسبات، يتعين تحصينها، وإعادة قراءة هذا القانون وتقييم مساره وتقويمه وتطويره وتحسين أدائه بما يحقق الأهداف التي رسمت له، مع الأخذ بعين الاعتبار الإشكالات الناجمة عن تطبيق هذه المدونة بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج عموما والمرأة المغربية على وجه الخصوص،فضلا عن مواكبة التحولات التي يعيشها مغاربة العالم ومواصلة الجهود والتفكير بشكل جماعي ومنسجم في مراجعة وتقييم كافة التدابير والمبادرات المتخذة تجاه المواطنات والمواطنين المقيمين بالخارج وتحسينها، كما جاء في كلمة رئاسة النيابة العامة.