بلقايد: "أولاد الخبشة" بقلعة السراغنة حساسية أخرى للعيطة الحوزية

بلقايد: "أولاد الخبشة" بقلعة السراغنة حساسية أخرى للعيطة الحوزية عبد العالي بلقايد مع مشهد لمخاليف الحوز

يكشف الأستاذ عبد العالي بلقايد، في هذه الورقة، عن مميزات العيطة الحوزية وطابعها المتفرد، مؤسسا موقفه من خلال إصرار "شيوخ المخاليف" على أن العيطة الحوزية مخصوصة بالحمراء والويدان بأحواز مراكش.

ويؤكد بلقايد على أن العيطة الحوزية عند أولاد الخبشة "لا يمكن أن تكون تكرارا لما أنتجه المخاليف، كما لا يمكن أن نسمي كل ما أنتجوه عيطة حوزية"؛ لكن -حسب تقديره- "مهما تكن القواعد التي يضعها شيوخ المخاليف، كمعايير لجودة العيطة، فالفن كإنتاج إنساني يختلف باختلاف المحيط، وباختلاف التجارب الإنسانية".

"أنفاس بريس" تعد القراء والمتتبعين لمقالات ومنشورات مجموعة البحث بمنطقة الرحامنة بنشر سلسلة من المقالات المرتبطة بالعيطة الحوزية وروادها.

 

لماذا يصر "شيوخ المخاليف" على أن العيطة الحوزية مخصوصة بالحمراء والويدان بأحواز مراكش؟  فما دونهما لا يمكن أن يحظى بصفة العيطة حوزية. بهذا الإصرار يخرجون منتوج زمران، وابن جرير، وقلعة السراغنة، ولمنابهة، وحربيل من العيطة الحوزية. فكل ما غناه شيوخ هذه المناطق لا يرقى إلى مستوى فني يمنح إمكانية  تصنيف إنتاجهم ضمن العيطة الحوزية.

 

 إذن لابد من وجود ميزة، أو خاصية فنية تجعل "شيوخ المخاليف" يتفردون على كل هذه المناطق في أداء العيطة الحوزية.

 

صحيح أن شيوخ القلعة يؤدون العيطة الحوزية، وكذلك شيوخ مدينة ابن جرير، ولكن هل يتم أداؤهما وفق القواعد والأصول التي دأب عليها "شيوخ المخاليف" أساتذة العيطة المغربية، والحوزية أم أن هؤلاء ينزاحون عن النموذج الذي رسخه المخاليف، واعتبروه هو القواعد الثابتة لأداء العيطة الحوزية؟

 

حسب العديد من الروايات لشيوخ العيطة سواء بالقلعة، أو ابن جرير يقر أصحابها بأنهم أخذوا العيطة عن "شيوخ المخاليف" بجامع الفناء التي كانت فيه عيوط حلقتهم  ليس فقط مادة للفرجة فقط، بل للتعلم كذلك لمن أراد التمرس على  فن العيطة.

 

أن تكون شيخا، ليس معناه أن تجيد العزف، وتحفظ أمهات العيوط ، أو تتعلم الميزان وضبطه، والتمرس على الطبوع، فالشيخ هو كل هذه الأشياء، مع القدرة أن يلعب الكثير من الأحوال الدرامية تبعا للجمهور المتحلق حوله بالحلقة، وأن يتملك القدرة على إجادة قول الفاتحة التي تدخل الأمل في قلوب من يؤدي ثمن الفرجة، التي تقوم الحلقة من أجلها، مع تملك القدرة على تدبير الأزمات الطارئة في جسم الرما.

 

وما دامت العيطة سليلة الميادين سواء بالمدينة، أو البادية عبر الشيوخ/ الجوالون وهي ظاهرة برزت حين ضيق الباشا الكلاوي على الشيوخ بجامع الفناء فاختاروا بادية السراغنة، والرحامنة لممارسة فرجتهم، وكانت مناسبة لتوطين العيطة بهذه المناطق، عبر التنقل بدواوير البادية بخيمتهم، وفي هذه الشروط التاريخية ظهرت هذه الظاهرة، وبالتالي أضحت الجولة أي التنقل من مكان إلى آخر شرط من شروط التشبع بحرفة العيطة.

 

مهما تكن القواعد التي يضع "شيوخ المخاليف"، كمعايير لجودة العيطة، فالفن كإنتاج إنساني يختلف باختلاف المحيط، وباختلاف التجارب الإنسانية. فالعيطة المرساوية توطنت البيضاء، كما توطنت السطات، ووادي زم، ورغم الاختلاف الحاصل من منطقة إلى أخرى، بقيت تشمل كل هذا المجال، وبقيت أسسها ثابتة وإن اختلفت التجارب.

 

العيطة الحوزية عند "أولاد الخبشة" لا يمكن أن تكون تكرارا لما أنتجه "المخاليف"، كما لا يمكن أن نسمي كل ما أنتجوه عيطة حوزية، خارج العيوط الإحدى عشر لا يرقى إلى مستوى عيطة، ولكن لا يخلو من جمالية وفنية، ومن خفة إيقاع ، وتواشي في العزف.

 

فهذه الأغنية الشعبية (فيطنة يا العمالة) ليست بعيطة حوزية، ولكنها لا تخلو من صور بديعة، وعزف جميل به تواشي من تعراض أنيق، وميزان خفيف وبسيط ، قد يلائم لون البروال، ولكن لا يمكن أن يجاري ميازين الحوزي المركبة، والتي تحتاج درية وحنكة في الأداء.