عبد العالي بلقايد: إيقاعات المغرب الموسيقية "كارفور" عالمي وثراء ثقافي غير محدود

عبد العالي بلقايد: إيقاعات المغرب الموسيقية "كارفور" عالمي وثراء ثقافي غير محدود مجموعة أولاد بن عكيدة (أسفي) مع صورة عبد العالي بلقايد

المغرب كارفور للموسيقى العالمية، وبذلك فهو يمتلك كنزا يعطيه ثراء ثقافيا غير محدود، يجعله فضاء ثقافيا مفتوحا على جميع التيارات ومتفاعلا في نفس الآن مع جميع الحساسيات الجمالية. ويبقى الإيقاع الموسيقي من العوامل المحددة للعمق الحضاري لأي أمة لأنه صدى لكافة الأفعال الاجتماعية الحادثة في العمران البشري، وكذا لجميع الممارسات الثقافية الناحتة للوجود الاجتماعي.

 

فالموسيقى الأمريكية، سواء الجاز أو البلوز، موجودة في الميزان الخماسي، وهو ميزان طابع لفن العيطة بكافة أشكالها، وكذلك الملحون الذي يستمد الكثير من الميازين العيطية، وذلك حين ينتهي الإنشاد لينطلق الإيقاع لمنح المنشد فرصة لالتقاط الأنفاس، ليعاود الغناء بعد الانتهاء من العزف الموسيقي. والراجح أن فن الملحون تطور في تفاعل مع باقي الألوان الموسيقية الأخرى، سواء فن العيطة، أو الطرب الأندلسي الذي يسميه المغاربة فن الآلة، لتمييزه عن الغرناطي الجزائري، والمالوف التونسي، وقد أضاف المغاربة نوبة سموها الاستهلال، وميزان الدرج ليضحى الأندلسي المغربي متميزا عن باقي أقطار المغرب الكبير المتأثرة بالموسيقى التركية.

 

فن كناوة ما كان لينتشر لولا التعالق الموسيقي الموجود بين الموسيقى المغربية والأمريكية، التي تمظهرت حتى على مستوى الرقص النقري، أي الذي يكون بالأرجل التي تنقر الأرض بأحذية بها صفائح حديدية بالمقدمة والكعب.

 

الميزان السباعي يكتسح الألوان الموسيقية بالشمال، مما يعطي فرصة لانتشار موسيقى الراي، خاصة بأوروبا، التي لم تستطيع التخلص من سحر الراي، لأنه إيقاع موجود في حركة أشيائهم وطقوسهم اليومية أو المناسباتية.

 

المغرب له من الإمكانيات الشيء الكثير لتحويل العلامات الفنية إلى علامات للتعريف بقضاياه الحيوية، ولخلق نوافذ على دول العالم قصد مد جسور للتعريف بالسياحة الثقافية للبلد التي يمتلك منها الشيء الكثير، وبالأخص فن العيطة، وتحديدا الحصباوية التي تظل محور هذا الفن المغربي، بحيث أنها تمتلك حيازة الخطوط المتعددة الأفقية والعمودية... فلا يمكن للعيطة أن يؤديها فرد واحد، فإن فعل فسيتحول إلى مغني وليس إلى شيخ، وهذا ما نلحظه في بعض العيوط المرساوية، فواحد  يمكنه ذلك، "كعيطة سطات بلادي". فالطابع المركب، والاحتفالي، وحضور المقدس المحلي، وبالأخص رجال الزوايا، يجعلها مكسوة بغلالة من الجدب والحضور لعوالم فوق الإدراك.

 

كانت العيطة تكتب بالصورة، فهي ليست متنا، بل هي قول وحركة، حركة تنطلق من الأسفل وتتجه إلى الأعلى، تعتمد على الركز، فالرش، ثم النداء المتجه إلى السماء، أو الأعلى لإكمال المعمار العيطي بالطمة التي هي طلقة مدوية يبقى صداها متداولا وحاضرا، فهي سر وأسرار تقاطع التاريخ الوطني، والمحلي.

 

العيطة قابلة لتتعالق مع الكثير من الأنماط الموسيقية العالمية، ولكن وجب إعمال ثقافة النظر التي من شأنها إبداع مشاريع موسيقية من شأنها تحقيق هذه الغاية.