حضارات وشعوب، ناس وأجناس، عاشوا على كوكب الأرض في مختلف الأقطار، قاسمهم المشترك مَلكة ميزت الإنسان عن باقي الكائنات -من آدم عليه السلام إلى زماننا هذا- وهي التواصل، نعبر من خلاله عن أفكارنا وخلجات أنفسنا وقناعتنا، فمن الماضي إلى الحاضر قطعنا شوط كبير جدا ووصلنا إلى أرقى مستويات التواصل مع التطور التكنولوجي والعلمي، يمكن لك بسهولة أن تشارك أخبارا وقصصا وأحداثا مع العالم.
لا ننكر دور التواصل وأهميته في جائحة "كوفيد 19" (كمثال)، عبر وسائل التواصل الاجتماعي تابع الكل مسار تفشي الفيروس في الصين وباقي دول العالم، كما تصفحنا الاتهامات ونظرية المؤامرة حول حرب بيولوجية ممنهجة. لا ننسى أنه قبل ظهور أول حالة في المغرب كنا على علم بجميع التفاصيل والمعلومات الكاذبة والصحيحة والمغلوطة...، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي.
التواصل يتحقق بالأخذ والرد والاستماع والإنصات والاحترام والتفسير... والأفضل هو تزكية المعلومة أو الفكرة أو البلاغ الذي تريد أن تنشره بالأدلة ووسائل الإقناع والوثائق وكذلك الدراسات الميدانية فهذه الأخيرة لديها أهمية دون نسيان آراء أهل الاختصاص والعلم.
من أجل ربط موضوع التواصل بجائحة "كوفيد 19" في المغرب، لا يمكن إنكار أن الجهات المعنية قد فرطت ولم تعط أهمية كبيرة للتواصل بينها وبين المواطنين في خطة تسيير الجائحة. نحن على علم أن موضوع "كوفيد 19" هو جديد على العالم بأسره، ندرك أيضا أن محاولة إدارة الأزمة على جميع الاصعدة ليس بالأمر الهين، لا من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية... فهذه الجائحة أظهرت معدن الحكومات والشعوب، نحن نقدر هذه الأمور، لكن ما لا نقدر هو غياب الخلفية والمعلومة والتقارير التي تكون سبب واضح لخروج بلاغ ما، أو تلك القرارات العشوائية التي تنشر بين ليلة وضحاها مما تؤدي إلى مخلفات خطيرة، أو قرارات الإغلاق والتراجع التي تشهر على الساعات المتأخرة ليلا... هذه الأمور تبين أن أصحاب القرار -الحكومة المنتخبة- ليس لديها تبات أو تمكن، هذا ما وضع حكومة العثماني في موقف التهكم و السخرية وسط الكل. نحن كعامة الشعب المغربي لا نريد معلومات في غاية السرية فهذه الأمور تبقى داخلية الأجهزة المختصة، لكن ليس هناك مانع في أن تقدم بلاغ مع علاقة سببية واضحة وحجة جعلت الجهات المسئولة تلزم المواطنين بالمستجدات دون إغفال التوقيت المناسب.
الآن اصبحنا نسجل +1000 حالة إصابة في المغرب، مدينة الدار البيضاء تحتل، أسابيع على التوالي، المرتبة الأولى في عدد الاصابات، هل هذه الأرقام ليست قاتلة بالمقارنة مع المكتسبات التي حققناها في البداية؟؟؟ أليس هناك قرارات كانت يجب أن تتخذ، ربما سنحصد منافعها الآن ... "عيد الاضحى"!!؟