جمال الدين ريان: من يوقف صراع الديكة داخل منظومة مغاربة العالم؟

جمال الدين ريان: من يوقف صراع الديكة داخل منظومة مغاربة العالم؟ جمال الدين ريان
مؤسف حقاً ما وصلت إليه منظومة مغاربة العالم حيث أصبحت ساحة للشتم والنبز بالألقاب بين فريق لا ثالث لهما، بين عدو وصديق، فمن وافقهم في الأمر فهو ذاك الملائكي الذي لا يخطأ ومن خالفهم ولو في الوسيلة لتحقيق الغاية المشتركة فهو العدو الذي لا يملك أي نسبة من الحق. لا نزن الأمور إلا بميزان واحد، ولا نرى من الألوان إلا الأبيض والأسود، تقوم علاقاتنا على مسائل خلافية تافهة لا ترقى بأن تكون أصلا لتضييع الوقت في الكتابات واللايفات كلها سب وشتم وحتى الموتى من عائلاتهم لم ينجوا من القذف في الأعراض، وهل يصح أن تبنى العلاقة على ذلك؟ كالتخوين والنصب والاحتيال؟
مؤسف حقا أن يتفرج المسؤولون على صراع الديكة الفارغ ولا يتحرك أحد منهم لينهيهم على هذه التفاهات والحماقات ويتساءل المتفرج مع نفسه هل هذه حروب يخوضونها نيابة عن بعض المسؤولين أم أنهم يريدون تحويل النقاش داخل منظومة مغاربة العالم بعد فشل الدولة في تدبير جائحة كورونا وإلهاء المنظومة بنقاش دون المستوى في الوقت الذي يجب أن يفتح فيه النقاش حول مواضيع مهمة كالمشاركة السياسية وتفعيل فصول دستور 2011 المتعلقة بمغاربة العالم.
رغم أننا أكثر ما نردد مقولة "أنّ الاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية" إلا أننا بعيدون كثيراً عنها؛ لأننا في الحقيقة نفسد كل القضايا والعلاقات التي بيننا بالصراع والإقصاء والتعالي وعدم تقبل الاستماع للآخر. فالأولى بنا أن يكون اختلافاتنا يدار على نحو يجلي الحق ويلقح العقول لا أن يفرق القلوب.
فالاختلاف موجود داخل منظومة مغاربة العالم، ولن يزول وهو جزء لا يتجزأ من الطبيعة، فلولا النهار لما أحببنا عتمة الليل، ولولا الليل لما تمتعنا بالنور، ولولا حرارة الصيف لما عشقنا الربيع والشتاء. هكذا هي الحياة اختلاف وتنوع في إطار الوحدة والانسجام بين الأصل والفرع بين الأب والابن من الأفكار والنفوس والطباع والمدارك والغايات والوسائل والأشكال والألوان والألسنة وجميع الأشياء.
إن قبول الآخر مهما كانت أبعاد اختلافنا معه ضرورة لا محيد عنها، وواجب لمن أراد أن يستشرف المستقبل بأمان ومن يريد تطهير منظومة مغاربة العالم فليس بهذه الطريقة يمكن تنظيفها وإنما يزيد الوسخ داخل الأوحال وتختبئ الطفيليات التي تستفيد من هذا التلاسن والتنابز.
إن النزعة الاستئصالية والخوف من الآخر المختلف عنا، والتعصب للفكرة الواحدة، هي من علامات التخلف الذي لا يوصل لشيء سوى إلى مزيد من التخلف.. ويصير الأمر سيئا حد السخرية.
فهل نحن كتب علينا التخلف رغم أننا نعيش في بلدان متقدمة؟ هل سياسة الدولة المغربية أن تجعل التخلف من علاماتها المسجلة لتتحكم في منظومة مغاربة العالم التي ستشكل الأجيال القادمة خطرا عليها ويزرعون أمل التقدم والديمقراطية في بلدان أجدادهم؟
كفى من إلهاء مغاربة العالم عن إشتغالاتهم وجعلهم سخرية لدى الأقليات الأخرى ببلدان الإقامة فعلى المسؤولين وضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة وردع كل من سولت له نفسه بخلق مواضيع غير أخلاقية وصراعات صبيانية في وقت نحن في أمس الحاجة الى التضامن والتكافل.
إننا نحرم ذواتنا من خيركثير عنوانه تلاقح الأفكار والآراء الذي هو من أسباب ازدهار الأمم والمجتمعات.