يمكن تخيّل كل السيناريوهات إلّا أن يصبح المرور من الدارالبيضاء إلى الرباط أشبه بالسفر إلى الجحيم، كأنك تقطع 100 كلم على الجمر. الزمن الذي تقطعه من العاصمة الاقتصادية صوب العاصمة الإدارية أصبح يقاس بتوقيت كورونا وليس توقيت "غرينيتش". زمن كورونا هلامي.. متمطط.. يعوي كذئب جائع متعطش إلى الدّماء، لذا اختلّت كل المعايير الطبيعية، قبل السّفر إلى الرباط عليك أن تكون "مناورا" جيدا، و"محتالا"، وتتقن فنّ المراوغة" لتعبر "السّدود" الأمنية التي تواجهها وأنت تدخل تراب العاصمة الإدارية.. حوالي أربعة معابر أمنية تعصرك عصرا، وتحقّق معك حول هويّة سيارتك، وهويّتك، وتصريح "الباشا"، ودوافع زيارتك "الميمونة" إلى الرباط، وتحقّق أيضا في نواياك "المضمرة"، وتشكّك في هويّة سيارتك، وهويّتك، وتصريح "الباشا"، ودوافع زيارتك "الميمونة" إلى الرباط، وتقرأ ما بداخل صدرك قراءة "مُغرضة". وإذا أدليت بشهادة السكنى من الدارالبيضاء، فتوقّع ما هو أسوء من الأسئلة.
لا أدري لماذا تصوّرت نفسي وأنا في زيارة روتينية لطبيب قلب في الرباط وكأنّي "لاجئ" أو "مهاجر سرّي"؟
لا أدري لماذا داهمتني صورة المدينتين الفلسطينيتين المحتلّتين "غزّة" و"أريحا"؟
لا أدري لماذا تذكّرت معبر "رفح" وأنا أسلّم ضابط الأمن وثيقة "موعد زيارة" الطبيب، بينما ينظر إليّ بعينين "وقحتين".. وقبل أن يفحص وثيقة الطبيب وموعد العملية الجراحية، سألني من دون أن ينظر إلى الورقة عن تصريح "المقيم العام".. عفوا أريد أن أقول "الباشا!!"
ولأني مواطن استفاد من دروس كورونا، أصبحت أتوقّع أسوء السيناريوهات التي يمكن أن تصادفني في الطريق إلى معبر "رفح"، وأضع في الحسبان أنّي سأواجه "الغيلان" و"الفراعنة" و"العمالقة".