حسناء داوود تبوح بأسرار من سيرة والدها المؤرخ المرحوم محمد داوود في "مدارات"

حسناء داوود تبوح بأسرار من سيرة والدها المؤرخ المرحوم محمد داوود في "مدارات" عبد الإله التهاني وحسناء داوود

بثت الإذاعة الوطنية على أمواجها من الرباط، ليلة الثلاثاء 25 غشت 2020،  حلقة جديدة من برنامج "مدارات" الذي يعده ويقدمه الزميل عبد الإله التهاني.

حيث استضاف على ضفاف "حوار الثقافة والمجتمع" الباحثة والأديبة المغربية حسناء داوود، رئيسة مؤسسة محمد داوود للتاريخ والثقافة.

 

وقد استعرض "مدارات" التهاني رفقة ضيفته، صفحات من سيرة ومؤلفات والدها المؤرخ المرحوم محمد داوود، بالإضافة إلى تناوله لعمل المؤسسة العلمية التي تحمل اسم والدها. وما حققته وأصدرته حسناء داوود من مؤلفاته المخطوطة، و التعريف بمحتويات هذه المؤسسة من الوثائق التاريخية، وحصيلة إصداراتها ومطبوعاتها، ذات الصلة بالمجال التاريخي والأدبي والاجتماعي.

وفسح "مدارات" التهاني المجال للأديبة والباحثة حسناء للحديث حول مسارها في البحث التاريخي والتراث الشعبي بتطوان ، وكتاباتها الشعرية .

 

حسناء غصن من شجرة وارفة الظلال

في مستهل حلقة البرنامج قدم الزميل التهاني ضيفته بما يليق بمقام الأدب والبحث والتوثيق التاريخي "نسعد اليوم باستضافة حسناء داوود، داك الغصن من تلك الشجرة الوارفة الظلال، التي استهواها عبق التاريخ، والتي أشرفت على تحقيق وإخراج ما تركه والدها" في إشارة إلى العلامة المؤرخ المرحوم محمد داوود.

وقدم الزميل عبد الإله التهاني لجمهور المتتبعين للبرنامج منجزات مؤلفاتها الكثيرة والمتنوعة و البعض من إصداراتها مثل، "تاريخ تطوان"، واستكمال مذكرات "على رأس الأربعين"، ومراجعة كتاب "التكملة" في وصف الحياة العامة في تطوان (القرن الخامس عشر ميلادي)، فضلا عن دراساتها للرسائل المتبادلة بين والدها سواء مع العلامة على الفاسي أو الأديب شكيب أرسلان.

حديث عن مؤسسة العلامة محمد داوود للتاريخ والثقافة

وعن ظروف وأهداف إنشاء مؤسسة محمد داوود للبحث والتاريخ والثقافة أوضحت الباحثة حسناء داوود قائلة: "ظروف إنشاء المؤسسة التي تحمل اسم والدي، جاء بدافع تكليفي بالقيام بشؤون خزانة الوالد الذي توفي سنة 1984 " فضلا عن "مهمة التواصل مع شخصيات وإدارات وهيئات وطنية ودولية .... وخلق إطار يجعلني أتحاور مع الغير بصفة رسمية باسم مؤسسة للتاريخ والثقافة معترف بها قانونيا سنة 2011 "

و أضافت حسناء داوود قائلة:" أردت تخليد اسم والدي بإطلاق اسمه على مؤسسة على غرار من أنتجوا وجاهدوا و راكموا وتركوا رصيدا للأمة، من أمثال العلامة محمد المختار السوسي، والعلامة عبد الله كنون، والعلامة علال الفاسي...مؤسسات تحمل أسماء أصحابها" . وأكدت أن هدف مؤسسة محمد داوود للتاريخ والثقافة هو "خلق مؤسسة تحتضن الأنشطة الأدبية والفكرية تعطي إشعاعا وإشراقا للجانب الثقافي لم دينة تطوان"

و في سؤال للزميل التهاني متعلق بجانب الرضا عن حصيلة المؤسسة منذ التأسيس إلى اليوم قالت الأديبة والباحثة حسناء داوود "أشعر أنني راضية من ناحيتين، نفسيا أنا استرحت لما وفقني الله بالقيام بمسؤولية خزانة والدي بمساعدة الإخوان الذين أسدوا إلي يد العون في خلق مؤسسة محمد داوود ، وفي تنظيمها وإعادة الحياة إليها كمؤسسة من شأنها أن تعطي الكثير وتساعد الباحثين وأن تكون أبواب خزانتها مفتوحة في وجه الباحثين من كل أقطار العالم"

صفات المؤرخ والأديب العلامة محمد داوود وتجلياته

وعلى اعتبار أن العلامة محمد داوود كانت له صفات وتجليات عديدة ويعتبر صرحا بارزا وعلما من أعلام الحركة الوطنية والعلمية فقد التمس الزميل عبد الإله التهاني من حسناء داوود أن تقرب المستمعين من هذه الشخصية العظيمة فقالت: "يعتبر الوالد من أقطاب البحث التاريخي والمؤسسة التي تحمل اسمه اليوم تعنى بالمجال التاريخي، و خزانة المؤسسة تتضمن من المؤلفات والمستندات ما يشفي غليل الكثير من الباحثين" زد على ذلك أن العلامة محمد داوود " كان أحد أقطاب الحركة الوطنية ومن المساهمين في إذكاء روح الوطنية في الشمال، وساهم بقسط وافر في تأسيس الصحافة الأولى (مجلة السلام سنة 1933)، وهو صاحب الأناشيد الحماسية الرنانة التي استوطنت قلوب المغاربة"

العلامة محمد داوود كان " مؤرخا وأديبا و كان رمزا وقطبا من أقطاب الحركة العلمية وربط علاقات وطيدة يسودها التفاهم والتجاوب والتوافق في المبادئ وفي طريقة العمل الجاد و المثمر مع أبرز الأسماء في العطاء العلمي في المغرب من أمثال عبد الله كنون ، وعلال الفاسي ومحمد المختار السوسي". ومن مساهماته العظيمة "مبادرة تأسيس المطبعة المهدية سنة 1928 ، التي أدت خدمة جليلة في مجال تعميم الثقافة و طبع كتب كثيرة" تؤكد الأديبة والباحثة حسناء داوود التي أشارت إلى أن "إسهامات العلامة محمد داوود في الحركة العلمية ذات قيمة عالية جدا، وساعدت الغير على الظهور في الساحة"

العلامة محمد داوود قطب الحركة الوطينة والعلمية

على مستوى الحركة الوطنية أضافت ابنة المرحوم محمد داوود موضحة " من خلال مذكراته التي نشرت، يتضح أن الرجل كان على اتصال دائم بالحركة الوطنية في فاس منذ اشتعال فتيل المقاومة، ولم تكن الحركة تقتصر على المحلي باعتبار أنها تسمت بكون أفرادها وأبطالها يتعاملون لتحقيق هدف واحد هو استقلال البلاد"

نقاش أفضال محمد داوود سواء من خلال عمله الموسوعي "تاريخ تطوان" ، أو الرصيد الضخم من كتاباته ومؤلفات أخرى فسحت المجال للأديبة حسناء للتأكيد على ذلك بالقول أن" تراكماته في مجال الكتابة التاريخية بالإضافة لما خلده من أبحاث، فضلا عن ما تزخر به خزانته من وثائق وملفات خاصة ومستندات تاريخية ووثائق عدلية توثق للعديد من الجوانب كل هذا سيفد وسيمكن الباحثين والدارسين من أن يلجئوا إليه في أبحاثهم و إغناء الرصيد التاريخي للمغرب بصفة عامة" 

وبفخر واعتزاز قالت ابنة العلامة محمد داوود "الخزانة تتضمن مجموعة ثمينة جدا من الظهائر والقرارات والرسائل والوثائق العدلية والوصايا والتوكيلات ورسوم الزواج والطلاق والتعاملات الاجتماعية تفيد الباحث في مختلف مظاهر الحياة الإنسانية".

وأكدت في سياق متصل بأن "أرشيف المؤرخ محمد داوود مصون ومحفوظ في خزانة المؤسسة، و أصبح مطبوعا ومنشورا، خصوصا أن هدف إخراج واستكمال ومراجعة وتصحيح الآثار التي تركها الوالد رحمه الله تم إنجازها وتحقيقها بنسبة 95 في المائة"

 الرسائل المتبادلة بينه وبين علال الفاسي وشكيب أرسلان

وعن سؤال الرسائل المتبادلة بينه وبين علال الفاسي وشكيب أرسلان قالت حسناء داوود في حلقة برنامج مدارات "فعلا من جملة أهم المحتويات التي تضمنتها الخزانة الداودية، المراسلات التي تعد بالآلاف والتي كان يعتني بها الوالد"، وأشارت إلى أنها " تممت العمل باستكمالها، و ترتيبها وتنظيمها وجردها "

الرسائل المتبادلة بالنسبة لحسناء داوود أنها "تتضمن بعض الجوانب المهمة يمكن أن تعتمد كمراجع بأفكارها والأبحاث التاريخية والاجتماعية التي تساعد على معرفة العديد من الحقائق، وهي تقارب نحو 66 رسالة من علال الفاسي، ونحو 90 رسالة من الوالد إليه، وكتبت في الفترة ما بين سنة 1928 و 1937 " . أما الرسائل المتبادلة بين الأمير شكيب أرسلان (90 رسالة) ومحمد داوود (25 رسالة) فقد "كانت هدفا للعديد من الباحثين وكتبوا عنها أبحاثا ودراسات"

محمد داوود الأب والزوج والمربي والصديق

نجلة المرحوم محمد داوود تحدثت بألق و حب عن العلامة محمد داوود الإنسان كأب وزوج ومربي وصديق فقالت "كان الوالد إنسانيا حريصا على مسألة التربية والتعليم بالدرجة الأولى للأولاد ، لم يفرق بين الذكور والإناث، وكان صارما نوعا ما تربيته ومعاملته مع إخواني الذكور" وعن الزوج أفادت بأنها " لا تذكر أبدا أن محمد داوود كانت له خصومات أو شجار مع الوالدة، كان يسود بينهما التفاهم والاحترام الكامل، البيت كان يسوده الاستقرار والهدوء....لا يمر يوم دون مجالسة الوالدة والأبناء بجلسات حميمية..كان عاشقا للطرب الأندلسي ومولوعا بالإنصات لوصلات هذا النوع الموسيقي الراقي"

كمربي قالت عنه أنه عرف "بلقب بالأستاذ مربي الأجيال، الموجه والمربي، تخرج على يده فئات عديدة من الشباب رجالا ونساء، ولقنهم معنى الوطنية في فترة الاستعمار، ومعنى البدل والعطاء من أجل الوطن.