لا حديث للناس إلا عن أزمة كورونا وعيد الأضحى . يوم الجمعة الماضي كان لي موعد مع الطبيب . ركبت سيارة أجرة . تبادلت الحديث مع السائق حول الجائحة والصهد وعيد الأضحى .
ـ قلت : بعد الرفع التدريجي للحجر ، الناس تراخت كثيرا في احترام خطوات الوقاية من مرض كورونا . لم نعد نحترم ارتداء الكمامات ، والتباعد الجسدي ، والنظافة ، وتجنب الفضاءات الضيقة والمغلقة .
ـ قالت سيدة تجلس في الخلف : نحن شعب مثل الكامون ، لا يعطي رائحته إلا إذا دققته ، لذلك لجأت وزارة الداخلية إلى تفعيل قانون الطوارئ والتنصيص على ذعيرة تتراواح بين 300 و1300 درهم غرامة أو ما بين شهر وثلاثة حبسا .
ـ اشتكى السائق من سوء تدبير الحكومة للدعم الذي خصصته للفئات المتضررة . وأشار بأن مردود الشغل حتى بعد تخفيف الحجر الصحي ضعيف جدا . الناس تتخوف من ركوب سيارات الأجرة ولا تتنقل خارج الأحياء التي تسكنها إلا لقضاء أغراض مهمة . دخلنا هبط إلى أدنى مستوى ولا يتجاوز نسبة تتراوح بين 20 و 25 % في أحسن الأحوال بالمقارنة مع فترة ما قبل كورونا . وهي نسبة يمكن تعميمها على الكثير من القطاعات . حتى المصروف اليومي أصبحنا نجد صعوبة في تدبيره .
ـ قلت عيد الأضحى على الأبواب ويتطلب الكثير من المصاريف وسألت : كيف ستصرف الناس في ظل هذه الأزمة الخانقة ؟
ـ قال بحسرة : والله لا نعرف ! الناس لديها أطفال صغار ، وتجد صعوبة في تحمل حزنهم بحرمانهم من العيد ، وهم يرون بعض أبناء الجيران يلعبون مع الخرفان . كورونا أخذت كل مدخراتنا . زوجتي باعت حليها وصرفنا ثمنها على الحجر الصحي لم يبق لنا سوى بيع بعض الأثاث لسد نفقات العيد . كان على المسئولين إلغاء عيد الأضحى هذه السنة ، وإراحة البسطاء من جهنم المشاكل التي وضعتهم فيها جائحة كورونا .
قالت المرأة : سيثور رجال الدين كعادتهم ، ويتهمون الدولة بتعطيل شعائر الإسلام .
قلت : ألغت السعودية الحج وعطلت وزارة الأوقاف الصلاة في المساجد بسبب الجائحة حوالي ثلاثة أشهر بعد استشارة مع المجالس العلمية ، وأغلب الناس تفهموا الأمر .
ـ قالت : لكن هناك شريحة أخرى ستتضرر من إلغاء العيد مثل الكسابة وبعض صغار الفلاحين خاصة وأن الموسم بالإضافة إلى كورونا عرف أيضا فترة من الجفاف .
ـ أجاب سائق الطاكسي : لو كنت مكان رئيس الحكومة لقررت شراء الأغنام من الكسابة وصغار الفلاحين بأسعار معقولة وأعدت بيعها للجزارين بأثمان منخفضة على أساس تسويقها للمواطنين بأسعار مناسبة . وسيربح الجميع . ونخفف من الإنفاق وضغط السفر والتنقل والزيارات يوم العيد والتقليص من انتشار كورونا . فقد وصلنا في الأيام الأخيرة إلى أرقام مخيفة .
قلت مع نفسي بالمنطق السليم ، مكان سائق سيارة الأجرة هو رئاسة الحكومة . ولم لا ؟ مادام يفكر ويقترح بشكل أحسن ، ألم يستغرب رئيس الحكومة نفسه في الكثير من اللقاءات كيف أصبح بين عشية وضحاها في هذا المنصب !