المغرب دبر مشكل العالقين سواء داخل المغرب أو خارجه بطريقة عشوائية وارتجالية، ولم يعط منذ تاريخ إغلاق الحدود في شهر مارس 2020 أجلا محددا لعودة المغاربة العالقين بالخارج، وأيضا عودة المهاجرين المغاربة إلى بلدان الإقامة، حيث قام بإغلاق الحدود بشكل متسرع دون أن يعطي أي فرصة للمواطنين من أجل التحرك، علما بأن جميع البلدان أعطت لمواطنيها مهلة أسبوع من أجل العودة، علما أن الكثير من العالقين كانوا في الخارج من أجل الاستشفاء أو من أجل مهمات رسمية.
وقد تبين هذا الارتجال أيضا في تعنت السلطات المغربية مع بعض الدول التي كانت تريد إجلاء مواطنيها، وضمنهم المغاربة المقيمين في بلدانها، حيث فرضت عليهم في البداية الاقتصار على إجلاء أصحاب الجنسيات الأصلية، ولما وصل دور المجنسين والحاصلين على بطاقات الإقامة، فرض المغرب تحكم وزارة الخارجية في إعداد لائحة المرحلين، وهو ما أدى إلى إهدار العديد من الفرض لحل المشكل. ولابد من الإشارة إلى أن عدة بلدان قامت بترحيل مواطنيها بأقصى نقاط المعمور، بل إن هناك دولا مثل تونس خصصت طائرات عسكرية لترحيل العالقين التونسيين، إلا المغرب الذي ترك مواطنيه في الخارج حتى أصبحوا محل سخرية في بلدان الإقامة، علما بأن العدد الحقيقي للعالقين يتجاوز 40 ألف، إذ لم تشتغل خلايا اليقظة في السفارات والقنصليات بالشكل المطلوب.
ورغم تخصيص 300 مليون درهم من أجل التكفل بحل مشاكل العالقين، فإن عددا كبيرا منهم لم يستفيدوا من الإقامة في الفنادق ومن الرعاية الصحية، وهو ما أثر على نفسيتهم وصحتهم، بل إن هناك عالقين في المغرب من مغاربة العالم توفوا، حتى أن أحدهم عجز عن تأدية ثمن تصفية الدم الذي يقدر بـ 750 درهما، ونظرا لغياب من يتكفل به توفي. وهناك من توفوا خارج المغرب، بل إن المغرب رفض حتى ترحيل الجثامين، سواء التي تتعلق بالعالقين أو مغاربة العالم، علما بأن ثمن المقابر في أوروبا باهظ جدا، وشركات التأمين المغربية ترفض تأدية كل المبلغ، ورغم تصريح وزارة الخارجية بأنها تتكفل بالدفن في البلدان الأوروبية، فالأمر لا يعدو مجرد خطابات موجهة للتسويق أما الحقيقة هي أن هناك من اضطروا إلى جمع التبرعات من أجل دفن أمواتهم بالمقابر الإسلامية.
والخطير في الأمر أن المغرب قام بترحيل ثلث العالقين كما تكفل بفحوصاتهم مجانا، وبإقامتهم في الفنادق خلال مدة الحجر الصحي (9 أيام). وأعتقد بأن هذه العملية كانت تنقصها الشفافية، وما يؤكد هذا هو اتصال قنصليات معنية بعالقين في ساعات متأخرة من الليل من أجل إبلاغهم باستفادتهم من الترحيل يوما واحدا فقط قبل الرحلة. وقد اتضح أن عددا من المستفيدين من الترحيل لا علاقة لهم بالهشاشة، واحتجاجات العالقين توضح ذلك. والآن تركت الحكومة العالقين يواجهون مصيرهم المجهول حين اشترطت إجراء التحاليل المتعلقة بفيروس كورونا والمناعة، وهي تحاليل باهظة الثمن، بل حتى الرحلات الجوية تتحكم فيها فقط الخطوط الملكية المغربية وخطوط العربية، والخطوط البحرية تقتصر على إيطاليا وفرنسا، وهو ما يعني أن العالقين في اسبانيا لا يمكنهم العودة، ونفس الأمر بالنسبة للعالقين في سبتة ومليلية، والكارثة الكبرى في مأساة 7000 من العاملات المغربيات في حقول الفراولة بإسبانيا بعد انتهاء فترة عقودهم، علما بأن المغرب قام بإرسالهم بتنسيق مع الحكومة الإسبانية، وهن لا حول لهن ولا قوة من أجل إجراء التحاليل المطلوبة وبالأحرى تأدية ثمن التذاكر عبر الطائرة.
جمال الدين ريان، رئيس مرصد الهجرة والتواصل