يعد التعليم من بين الحقوق التي تضْمَنُها الدساتير والقوانين للأفراد، وهو سبيل تقدم الأمم وازدهارها، فما تقدمت أمة إلا وكان التعليم سببها، ولا ارتفع منار حضارة إلا وهو قاعدتها، ولا ينكر ذلك إلا من ينكر حسه وإلا من غالط في الحقائق نفسه.
هذا ومع تطور الوسائل الرقمية تطورت معها أساليب التعليم، حيث لم يعد التعليم حكرا على الطرق التقليدية التي تعتمد أساسا على حضور المتعلم بين يدي معلمه، يدوِّن ما يتلفظ به مربيه، بل واكب التعليم تطور الوسائل التقنية الحديثة، فاستعملت هذه الأخيرة في التعليم والتمدرس، فصارت بذلك عملية التعليم تتأرجح بين التعليم بالطرق التقليدية، حيث التعليم الحضوري والتلقي المباشر، وبين تلقي الدروس باستعمال الوسائل الحديثة عن بعد دون الحاجة للذهاب إلى المؤسسات التعليمية.
ولكن مع ظهور وباء كورونا المستجد، استوجب إقصاء التعليم بالطرق التقليدية، وذلك لأسباب صحية، وبالتالي أصبحت الهيمنة للتعليم باستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة، والتي تمكن من متابعة الدروس عن بعددون الحاجة للتنقل والاحتكاك.
ومن خلال تجربة التعليم عن بعد التي اعتمدتها كثير من بلدان العالم في خضم هذه الجائحة، إذا أخذنا المغرب كنموذج، فإن هذه التجربة حققت بعضا من أهدافها، ولكن هناك مجموعة من الإكراهات التي حالت دون تحقيق المبتغى، ومن هذه الإكراهات نذكر:
كون فئة كبيرة من المتعلمين لا يمتلكون هذه الوسائل الالكترونية، وحتى لو امتلكها بعضهم فإنهم لا يستطيعون توفير المبالغ المالية لشراء أرصدة الانترنيت الكافية لمتابعة جميع الدروس خصوصا التي تقدم عن طريق البث المباشر.
إضافة إلى ضعف شبكات الاتصال وكذا ضعف التكوين لدى بعض المدرسين وكثير من المتعلمين في استعمال الوسائل الرقمية الحديثة.
ومن بين الإكراهات أيضا استهتار واستخفاف شريحة واسعة من المتعلمين بأسلوب التعليم الحديث المعتمد في التعليم عن بعد وذلك ملاحظ في كثير من التعليقات على البث المباشر التعليمي، حيث الخروج عن محتوى الدرس والاستهزاء، بل قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى الطعن والسب، في انسلاخ واضح من كل أدب وخلق.
إن التعليم لابد أن يواكب التطور التكنولوجي ولكن ينبغي توفير هذه الوسائل لكل المتعلمين تفاديا لأي شرخ داخل الفئة المتعلمة وتجنبا للتمييز وحرصا على تطبيق تكافؤ الفرص، بالإضافة إلى جعل التصفح في هذه المواقع التعليمية مجانيا، وكذا العمل على تكوين المدرسين والمتعلمين على حد سواء للتمكن من آليات استعمال هذه الوسائل الحديثة، وضرورة اعتماد وسائل وطرق زجرية للحد من التصرفات أللأخلاقية لبعض المتعلمين.
إن التعليم لا يضيره بتاتا استعمال هذه الوسائل التقنية الحديثة، بل ينميه ويطورهويجعل المادة المعرفية زاخرة ومتوفرة ومتاحة للجميع.
ولكن لا ينبغي بحال من الأحوال تفضيل التعليم عن بعد أو مقارنته بالتعليم الحضوري، فالأول تكميلي والثاني هوالقاعدة والأساس.