جريمة الاغتصاب أو هتك العرض في حق الذات الإنسانية تصرف خطير لا يُغتفر له، لما يحمل من مضاعفات لا يعلم مرارتها إلا من عاش التجربة شخصيا، أو المحيط (العائلة).
الاغتصاب قد يمس أي شخص كيفما كان، الجريمة لا تستثني أحد و لا تقصي أي فئة عمرية.
سنة 2002 عُرض فيلم مغربي درامي رائع (سعيدة)، من أداء الممثلة المغربية فاطمة خير، سلط الضوء أن ذاك على قصة امرأة اغتصبت ببشاعة و كيف ستعيش الحياة بمجملها بعد الحادث والاكتئاب الذي ستمر منه وكل التفاصيل التي تحمل في طياتها الألم و المرض و الخوف.
ما سبق ذكره جريمة نكراء لا يمكن وصف بشاعتها و قذارتها و قبحها، لكن الأقصى و الخبث بعينه هو اغتصاب الأطفال، فهُم صيد سهل للمغتصب الماكر، مريض بدون إحساس ومشاعر، يستدرج أطفال لتلبية رغبة شاذة غير سوية، مشاهير عالمين اغتصبوا أطفال سنوات طوال، المغني الأمريكي مايكل جاكسون كمثال مارس التحرش الجنسي واغتصب مجموعة من الأطفال الذكور طوال سنوات شهرته، هذا الجرم تم توثيقه السنوات الماضية في سلسلة تحت عنوان Leaving Neverland التي عرضت بشاعة الممارسات التي استمرت سنوات بشهادات لرجال اغتصبوا في طفولتهم أغراهم بعالم النجومية و الرقص.
في المغرب ،هذا النوع من الجرائم يتم التستر عليه، لان الجانب العرفي و التقاليد و العار – حشومة / سكتونا – هو الذي يقمع المتدخلين من أجل إبراز و وضع حد للجريمة.
سنة 2004 أسست ربما أول جمعية حقوقية ترافعها و رسالتها هو الحد من الظاهرة التي راح ضحيتها الكثير من الأطفال و دائما ما يتم الإخفاء و الكتمان ، لهذه الجمعيات الفضل في تنوير المجتمع بعدم التسامح مع المغتصب لأنه بذلك التنازل نمنحه فرصة ونقوم بتطعيم وتحفيز ميوله الشاذة ليخلق شبكة من الضحايا.
قبل أسابيع اغتصبت طفلة (5 سنوات) من طرف الجار، الوحش الذي بدوره آب لأطفال، استغل براءة إكرام واغتصبها بدون رحمة أو شفقة، الحادثة وقعت بنواحي طاطا، هذه المنطقة التي مازالت تعيش بالأعراف و الخوف من العار... ما وقع كما حكي الأب أنه بعد الفحص و بداية المتابعة، قام بالتنازل، فتم إطلاق صراح المغتصب، مما أثار ضجة كبيرة وسط الرأي العام ، تمت إعادة اعتقال الجاني و فتح الملف للواجهة مرة أخرى بمساعدة جمعيات حقوقية.
التصرف الذي قام به الأب، ثقيل وغير مبرر، فهناك من وجه إليه تعليقات قاسية بتخليه على فلذة كبده وإمضائه تنازل العار كما وصفه البعض، صحيح أن الأب يلام، لكن في بعض المناطق مازالت التقاليد والأعراف و الحشمة... تكون حاجزا لمعالجة هذه المواضيع الحساسة، بالإضافة إلى الضغوطات التي اثرت على الأب ليسامح و يقدم التنازل، ربما ملف إكرام كان سيتم إقفاله و التكتم عليه لولا الضجة التي عمت.
الجريمة ستبقى إلى الأبد، القتل... السرقة... الاغتصاب... لكن ما يساهم في التقليل من الإجرام نوعا ما، هي التعبئة الشاملة في طرح الظاهرة و البث في أسبابها وكثرة حدوثها عن طريق القيام بدراسة سوسيولوجية وسيكولوجية، ثم وضع آليات من أجل التوعية الموجهة في جميع مناطق المغرب (الحضارية و النائية).
الحكومة المنتخبة بوزاراتها تتحمل المسؤولية في عدم وضع إستراتيجية واضحة للتعامل مع هذه الظاهرة.
أين دور وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة في التحسيس و التوعية و القيام بقافلات و رحلات تصل إلى عمق القرى ، لتحاول إذكاء ثقافة الساكنة و تعليمهم طريقة التفاعل مع مثل هذه المواضيع و أخد الحق ما دمنا في دولة المؤسسات والقانون !!! أين دور وزارة الصحة و وزارة التعليم في تقديم دروس حول التربية الجنسية السليمة، أين هو دور وزارة العدل في تعديل القوانين المتجاوزة وإنزال عقوبات قاسية على المغتصب كي يكون عبرة للجميع ؟؟؟؟
من سيشعر بجرح و الم الجريمة هو الشخص الذي عاش التجربة بنفسه. شهادة كل من Wade Robson و James Safechuck في البرنامج الوثائقي الذي سبق ذكره جد مؤلمة، هذين الشخصين عاشوا التحرش الجنسي والاغتصاب من طرف مايكل جاكسون، قالوا: أننا لم نكن نحس بعمق التحرش والاغتصاب، فموجة الشهرة والفن كانت تغطي على ذلك الجرم، الألم، الاكتئاب، المرض والتفكير في الانتحار لازمهم عندما أصبح لكل منهم أبناء وحياة زوجية، فهنا انطلق مسلسل الخوف في أن يعيش أبنائهم نفس التجربة القذرة.