رانية قشى: حاملو الشواهد العليا.. العودة إلى الشارع

رانية قشى: حاملو الشواهد العليا.. العودة إلى الشارع رانية قشى

نظرا للجائحة التي أصابت وطننا الحبيب، اتخذت الحكومة تدابير استثنائية تهم إدارة الدولة والجماعات الترابية، والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والهيئات والمؤسسات التي تؤدي أجور مستخدميها من الميزانية العامة. حيث أصدر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني يوم 25 مارس 2020 منشورا عاما إلى كافة القطاعات الحكومية والإدارات العمومية والإدارات المعنية يقضي بتأجيل تسوية جميع الترقيات المبرمجة في ميزانية السنة الجارية، وتأجيل جميع مباريات التوظيف ما عدا التي سبق الإعلان عن نتائجها.

 

ونحن كمواطنين وكحاملي الشهادات العليا أيدنا هذا القرار تضحية لأجل الوطن، وحفاظا على سلامتنا وسلامة بلادنا اقتصاديا واجتماعيا...

 

لكن بعدما بدأت الدولة تتجاوز الظروف المؤدية إلى إعلان الحجر الصحي، أصدرت الحكومة قرارات العودة إلى الحياة الطبيعية بغية انعاش الاقتصاد الوطني الذي توقف لمدة أربعة أشهر. حيث أصدر رئيس الحكومة بيوم 9 يونيو 2020 منشور رقم 9/2020 ضرب عرض الحائط كل الالتزامات القانونية والسياسية والحقوقية للمغرب، فيما يخص الحق في الوظيفة العمومية التي يضمنها الدستور والمواثيق الدولية التي التزم بها المغرب.

 

في الوقت الذي كان منتظرا من الحكومة اتخاذ قرارات جريئة لمعالجة الاختلالات الاجتماعية التي تعرفها البلاد نتيجة الجائحة التي ضربت العالم بأسره؛ نجد السيد رئيس الحكومة اختار الإجهاز على مكتسبات الفئة الهشة والحلقة الأضعف عن طريق إلغاء إحداث مناصب جديدة للوظيفة العمومية للسنوات الثلاثة المقبلة، الأمر الذي ينذر بأزمة حقيقية لنا كحاملي الشواهد العليا ويفقدنا آخر أمل بعد أن سبقه عبد الإله بن كيران بالإجهاز عن حقنا في التوظيف المباشر.

 

ونحن بصفتنا شبابا معطلين نعيش منذ سنة 2011 أزمة في الوظائف العمومية، نتيجة قلة المناصب المعلن عنها من قبل القطاعات الوزارية وإقصاء العديد من التخصصات، أذكر على سبيل المثال لا الحصر "تخصص القانون الدستوري والعلوم السياسية" وتخصص "صياغة النصوص القانونية والعمل البرلماني"... هذا بالإضافة إلى صعوبة العمل في القطاع الخاص الذي يعرف اختلالات جمة نتيجة عدم قدرة الحكومة على التدخل في شؤونه وتنظيمه وفق ما معمول به في سائر بلدان العالم التي تحترم نفسها، ما يجعل حث رئيس الحكومة السابق عبد الاله بنكيران الشباب إلى اللجوء إلى هذا القطاع يبقى مجرد "طنز العكري"، كما نقول في لغتنا الدارجة.

 

وتجدر الإشارة أن المندوبية السامية قد ذكرت أن معدل البطالة انتقل من 9.1 في المئة سنة 2019 إلى 10.5 في المئة سنة 2020 على المستوى الوطني، وذلك قبل جائحة كورونا. هذا ما يجعلنا نتساءل عن أهمية الندوات السياسية والأكاديمية التي ظلت كل هذه الفترة تحاول إيجاد حلول سابقة لتجاوز الأزمة التي ستلحق المجتمع المغربي بكل أصنافه؟

 

إلا أن الحكومة طبقت سياستها التقشفية على أضعف طرف في المجتمع "الشباب المعطلين"، حيث أكدت على أن نسبة البطالة سترتفع بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة بكل برودة ودون اهتمام لنفسية المعطلين الذين يرون شمعة أحلامهم تنطفئ بقرارات عشوائية وغير صالحة لا للدولة ولا للمعطلين الذي يعيشون الفقر المدقع وغلاء المعيشة وقسوة المجتمع وفقدان الأمل في الحياة بصفة عامة.

 

لهذا أؤكد أنه إن لم تتسرع الحكومة في التراجع عن هذا المنشور واتخاذ قرارات لتقوية التماسك الاجتماعي، من خلال فتح مناصب الوظيفة العمومية في وجه الشباب المعطلين قسرا عن العمل، وتوسيع وعائها، فإننا عازمون على النزول إلى الشارع للنضال من أجل حقوقنا، إيمانا منا بأن الحق ينتزع ولا يعطى. حيث انطلقنا في تأسيس تنسيقيات جهوية لحاملي الشواهد العليا المعطلين، في أفق النزول إلى الشارع محليا ووطنيا، ولن نتراجع حتى تحقيق مطالبنا، لأننا بمثل هذه القرارات لم يعد أمامنا ما نخسره، بعد أن أطفئوا فينا آخر شمعة أمل.

 

- قشى رانية، باحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسية