نور الدين زاوش: كبائر قادة البيجيدي الجنسية تبدو مجرد صغائر أمام كبيرة الرميد الذي هضم حقوق موظفته

نور الدين زاوش: كبائر قادة البيجيدي الجنسية تبدو مجرد صغائر أمام كبيرة الرميد الذي هضم حقوق موظفته مصطفى الرميد، ونور الدين زاوش(يسارا)
يشرح القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية، نور الدين زاوش، كيف أن" حزب " المصباح" أصبح مدرسة " للشيطنة لدرجة أن الشيطان يتتلمذ على زمرة حزب "اللمبا" وكأنه تلميذ من تلامذتهم. ويضع نور الدين زاوش، أربعة مؤشرات خطيرة لهذا الفعل عبر الحوار، التالي مع "الوطن الآن" و "أنفاس بريس": 
 
بداية كيف تقيم أداء حكومة البيجيدي بنسختيها( في عهدي بنكيران والعثماني)؟
لا يمكن للسِّياسي النزيه، أو المتتبع الحصيف لأداء هذه الحكومة وسابقتها،أن يثني عليهما ولو قليلا من باب المجاملة التي تخفي وراءها كثير من مشاعر الغضب والامتعاض، فكلٌّ من حكومة بنكيران أو حكومة العثماني قد باعتا الوهم للمغاربة، وأجهزتا على مكتسباته التي أتت عبر نضالات حثيثة وتضحيات جسيمة على مر السنين، وأثقلتا كاهل المواطن البسيط بالضرائب، والزيادة في الماء والكهرباء، وإلغاء صندوق المقاصة، وعفتا عن آكلي أموال الشعب دون أن تستشيرا مع أحد، وتنصلتا من التزاماتهما ووعودهما وخصوصا محضر 20 يوليوز، كما ألحقتا طبقته المتوسطة بالفقيرة، وضربتا التعليم والصحة في مقتل، وأفسدتا الوظيفة العمومية، بإفساد تقاعد الموظفين، وبإقرارهما نظام التعاقد المشؤوم.
ورغم إغلاق آلاف المقاولات أبوابَها في ظل حكومتي حزب العدالة والتنمية، وتحجيم الميزانية المخصصة للاستثمار، وإيقاف نظام الترقيات والتحفيزات في صفوف الموظفين، وحث الجميع على اتباع منهج التقشف دون أن يشمل ذلك ميزانية رئيس الحكومة أو امتيازات الوزراء والبرلمانيين، ووصول الدين الخارجي أرقاما قياسية مخيفة وغير مسبوقة، وزيادة المبادلات التجارية مع الكيان الصهيوني إلى أضعاف مضاعفة عما كانت عليه، ومصادقة برلمانييه على معاهدة سيداو التي تبيح المثلية وتعترض على نظام الإرث في الإسلام، مازال أعضاء الحزب يصرون على أن حزبهم مُهدى من السماء، مثلما صرح العثماني بأنه ورفاقُه لم يُحَدِّدوا المرجعية لحزبهم بل حددها الله لهم من فوق سبع سماوات، وقد صرّح بذلك بنكيران قبله، حينما قال بأن نظام التقاعد قد تمت المصادقة عليه بفضل الله. في إشارة واضحة للإتجار بالدين، وصدق من قال عنهم: لصوص الله.
 
الملاحظ أن حكومة البيجيدي بنسختيها غلبت عليها جملة من الفضائح ذات الطبيعة الجنسية.. برأيك لماذا رافقت هذه الفضائح قيادات في حزب المصباح بل ومسؤولين سابقين في الحكومة؟
إن الفشل الرهيب في تدبير الملفات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية لم يكن الشيء الأكثر فظاعة وقبحا الذي قام به حزب العدالة والتنمية في نسختيه الحكومتين، بل الأكثر من ذلك، هو حجم الفضائح التي مُني بها أعضاء حزبه الذين ينتمون إلى تيار الصقور أوتيار الحمائم على حد سواء، والمصيبة أنها فضائح من كل الألوان والأصناف، فهذا يدلي بشهادة طبية تفيد عجزه عن العمل ليتفرغ لكرسي العمدة بالرباط، وتلك تجعل من الحجاب لباس المهنة في البرلمان لتتخلص منه بمجرد أن تطأ قدماها بلد الجن والملائكة، وذاك يؤثث مكتبه بالوزارة التي يترأسها بحمَّام وسرير لشخصين، وتلك الداعية الكبيرة من حركة التوحيد والإصلاح تساعد نائب رئيس الحركة الدعوية على ما تعلمون، في إطار التعاون على الخير، وذاك يسرق زوجة صديقه بكل شفافية ونزاهة، ويجعل تاريخ ولادتها يصادف اليوم الوطني للاحتفال بالمجتمع المدني، وكأن المغاربة مجرد عبيد يشتغلون في مزرعة قبيلته، وآخر يشارك في مظاهرة مع عمال شركة ضد الشعب، واللائحة تطول.
 
بما يمكن تفسير ذلك ؟
لقد كان للفضائح الجنسية في حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح نصيب الأسد؛ إلا أن هذا الانحدار الأخلاقي الخطير بدأ منذ مدة طويلة وليس وليد اليوم، وللأسف، لم ينتبه إليه بنكيران إلا مؤخرا حينما حذّر من التحرش بالأخوات من لدن إخوانه في الحزب؛ وقد أثرتُ هذا الموضوع في كتابي: "الجالية اليسارية المقيمة بحزب العدالة والتنمية" الصفحة 17، الذي كتبتُه سنة 2007، أي يوم كان الحزب "الشريف" في المعارضة المباركة:
"فهذا رغم أنه مسؤول تربوي فهو منكب على قراءة كتب أخذها خلسة من معرض الكتاب في الجامعة، ولا تتحدث سوى عن النساء والجنس، حتى عُثر على ستة كتب من هذا النوع تحت وسادته صدفة، وهذا يدوس بقدمه قدم الأخت تحت الطاولة في مقر حركة التوحيد الإصلاح، وذاك يمشي أمام مرأى الجميع، مع ابنة الحركة واليد في اليد بغير عقد شرعي، والآخر مختص في رسائل الهاتف المشبوهة، بعدما عبأ بطاقته من أموال المحسنين، الذين يتحملون نفقات الأنشطة الثقافية والدينية "لنصرة" الإسلام والمسلمين، وأمثال هؤلاء كُثر".
 
ألا يمكن إدراج فضيحة الوزير الرميد ضمن هذه الفضائح الأخلاقية؟
هذه الكبائر والموبقات التي تحدث عنها، تبدو مجرد صغائر أمام كبيرة الرميد الذي هضم حقوق موظفته التي اشتغلت في مكتبه لأكثر من أربع وعشرين سنة، مما ينبئ على أننا أمام عصابة تتاجر بالإنسان من موقع وزير حقوق الإنسان، في مشهد درامي يزيد من مأساته الإخراج السيء للفضيحة، حيث ادعى بطلها بأن مشغلته هي من منعته من التصريح بها لصندوق الضمان الاجتماعي.
وما إن ظهرت بُؤرة فضيحة وزير حقوق الإنسان الذي هدَّد بالاستقالة سبع مرات، حتى قام صديقه وزير التشغيل الأعجوبة، مثلما وصفه العثماني، يسارع الزمان من أجل التصريح بمستخدميه بأثر رجعي، مما جعله وزيرا أعجوبة عن جدارة واستحقاق.
 
بحكم تجربتك كمسؤول سابق في حزب العدالة والتنمية وفي ذراعها الدعوي، سجلت في تدوينة لك "شيطنة" عمل حزب العدالة والتنمية بالقول أن الشيطان يتعلم منهم. فهل من تفسير أكثر هذه " الشيطنة"، وكيف يتعلم الشيطان منهم؟ وأين تكمن هذه الأفعال الشيطانية لدرجة أن الشيطان أصبح يتعلم منهم؟
إننا لسنا بصدد حزب يدَّعي الملائكية وحينما تطفو فضائحه إلى السطح يولي القَهْقَرى ويتوارى عن الأنظار؛ بل أمام حزب عند كل منعطف فضيحة تزداد شعبيته، ويكثر عدد متعاطفيه، ويتضاعف عدد الذين يدافعون عنه باستماتة منقطعة النظير، وكأنه حزب لا ينتعش إلا في الفضاءات الموبوءة بالقاذورات، ولا تزدهر تجارته إلا في سوق النخاسة.
إن وقوف الشيطان أمامهم وكأنه تلميذ من تلامذتهم تجده في أربعة مؤشرات خطيرة:
أولا:لقد تمكنوا، بحكم رصيدهم الدعوي في الأيام الغابرة، من أن يقنعوا المواطن بأن كل فضيحة تثار حولهم إنما هي مؤامرة تحاك ضد المشروع الإسلامي؛وبالتالي، فإن الفضائح التي يسقطون فيها تعتبر بالنسبة إليهم فرصا ذهبية لا تعوض، لتجديد العهد بين القيادة الرشيدة والأعضاء الذين يثقون فيها ثقة الميت بغاسله، فتنقلب القيادة والقاعدة، بعون الله، جسدا واحدا أكثر تماسكا وصلابة مما كانا عليه من قبل.
ثانيا:لقد استطاعوا بفضل دهائهم ومكرهم أن يصوروا كل حسنة قاموا بها على أنها من صميم قراراتهم ومن وحي إرادتهم ورغبتهم، وأن كل سيئة قاموا بها إنما أُكرهوا عليها وقلوبهم مطمئنة بالإيمان. فكانوا بهذه الحيلة الخبيثة أنقياء وأتقياء في عيون تابعيهم في كل الظروف والأحوال ومهما صدر عنهم من قبح أو زلل.
ثالثا: لقد عملوا على تصوير حزبهم على أنه حزب الأخيار الذي ينهل من القرآن، ضدا على الأشرار واليساريين وبني علمان؛ وهذا يحتم مناصرة الأخيار ولو أخطأوا ومناهضة الأشرار وإن أصابوا؛ إلا أن الحقيقة المرة، هي أن المصحف لا نراه إلا في حملاتهم السياسية المباركة وغزواتهم الانتخابية المظفرة، وبمجرد أن يفوزوا في الانتخابات يعيدوه للرف من جديد، في انتظار الانتخابات المقبلة.
رابعا: لقد تمكنوا من أن يصوروا لأتباعهم بأن التصويت يكون على الأشخاص وليس على البرامج، ومن ثم نسخوا العقد الذي يجمع المواطن بممثليه، بمعنى أن البرلماني أو الوزير في حِلٍّ من برنامجه السياسي الذي يسطره في حملته الانتخابية؛ لأن المواطن إنما يصوت على حامل البرنامج الذي يحق له أن يغير فيه ما يشاء أو أن لا يلتزم به أصلا، فأفرغوا بذلك الفعل السياسي عن محتواه الذي يتمثل في آلية المحاسبة، فعاثوا في الأرض فسادا بكل أريحية وثقة في النفس، وناموا قريري العين ومرتاحي الضمير، ما دامت الحصيلة الحكومية الرديئة والأداء السياسي المنحط لن يقفا في وجه إعادة انتخباهم من جديد.
بعد هذا كله، ألا يحق لنا بأن نصرح بأن الشيطان يتعلم منهم؟