الحياة هي مجموعة من المنظومات المهمة التي نحتاج إلى سلامتها وصيانتها من الانحراف والفساد والظلال، من أجل أن يتوفر للإنسان بيئة صحيحة وأمنه يستطيع العيش من خلالها استقرار وأمان وتقدم وازدهار، وهذه المنظومات هي الفكرية، العقلية، الاخلاقية، الاجتماعية.
إن المشكلة التي تواجه مجتمعنا في الوقت الحالي، هي العناية الشديدة بالمنظومات المادية الخاصة بالإنسان، والتي تعتني بسلامة أجسادنا وأموالنا أشد الاعتناء، ولكننا تركنا العناية بالمنظومات الاهم والاكثر تأثيرا في حياتنا، وهي منظومات العقل، المعرفة، الثقافة، الأخلاق، العلاقات الاجتماعية، الأوطان، وهي المنظومات الأهم والتي تستحق منا كل العناية.
إن السبب في تقدم وازدهار واستقراره وانتظام أمورها هو عنايتها في كل هذه المنظومات، إضافة إلى المنظومات المادية.
وهذه المنظومات هي:
أولا: المنظومة الفكرية:
التي تبدأ بالحفاظ على سلامة العقل وسلامة الفكر وسلامة المعرفة وسلامة الثقافة وسلامة المبادئ العامة، هذه هي مكونات المنظومة الفكرية لأي مجتمع، لذلك يجب الحفاظ عليها من خلال التشجيع على القراءة والاطلاع، علينا أن نهتم بهذه المسألة الاهتمام الذي تستحقه، ومن خلال اخذ المعرفة والثقافة من منابعها الاصلية والرصينة.
ثانيا: المنظومة الاخلاقية:
يتم الحفاظ على سلامة منظومتنا الاخلاقية من خلال تطهير قلوبنا، من الحسد والغرور وإلحاق الاذى بالأخرين سواء بقول أو فعل التكبر والعجب وسوء الظن والجبن والبخل وكل الصفات التي تكون هي منشأ للشر.
بدل ذلك نزرع في قلوبنا مناشئ الحب والمصلحة الاخير والحب لهم، وزع مبادئ وقيم حب العدل والخير وبسط حب العدل والخير للأخرين بين الناس، والتودد والمحبة والتسامح والتكاتف والتعاطف، وهذه المبدئ التي تستحق الاهتمام علينا أن نعمل على توظيفها لصلاح أنفسنا ومجتمعنا.
ثالثا: المنظومة المجتمعية:
نحافظ على سلامة العلاقات الاجتماعية ونحرص على التودد والتراحم والتعاطف والتكافل والتزاور والتلاقي فيما بيننا، وأن نصون أنفسنا من التقاطع والحسد والبغضاء والتناحر والعداوات وجميع الامور التي نؤدي الى ضغف العلاقات الاجتماعية.
رابعا: منظومة السلامة المهنية والصحية والمهنية:
هذه المسؤولية هي مسؤولية مؤسسات الدولة أن توفر منظومة السلامة المهنية والصحية والمهنية في أماكن العمل والاماكن العامة، ومسؤوليتنا نحن أيضا كمواطنين أن نحافظ على سلامة الأماكن العامة والأماكن الطبيعية من كل ما من شأنه أن يدمرها.
خامسا: سلامة الأوطان والأنفس والأعراض:
انتشرت في الآونة الأخيرة ثقافة سفك الدم لأبسط وأتفه الأسباب غير مقبولة شرعيا وعقليا، وهذا الأمر أكد عليه الإسلام في أكثر من حديث " دماؤكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم".
العرض في الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة تعني الشخصية الاعتبارية للإنسان، وكرامته ومنزلته الاجتماعية واحترمه أمام الآخرين.
كما ورد في الحديث "يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تأذوا المسلمين وتعيروهم ولا تتبعوا عرواتهم فإن من تتبع عورات لأخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته".
لذلك على الإنسان أن يحافظ على كرامة واحترام الآخرين، كما يريد أن تحفظ له كرامته واحترامه.
أما صيانة الأوطان فهي حماية الأوطان من كل ما يعرضها للمخاطر الداخلية والخارجية وأضعاف التماسك المجتمعي، وإدخال البلد في نزاعات وصراعات وفتن هدفها إضعاف سيادة وموقع البلد والتفريط في حقها بالرقي والتقدم الازدهار.
إن مسؤولية الحفاظ على منظومات السلامة المجتمعية هي مسؤولية جميع الأفراد في المجتمع، ولكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الدولة لأنها هي من تتصدى لإدارة البلد.