الطويليع: تدنيس النصب التذكاري للأستاذ اليوسفي بين دناءة الفعل وخسة  المحرض

الطويليع: تدنيس النصب التذكاري للأستاذ اليوسفي بين دناءة الفعل وخسة  المحرض نور الدين الطويليع
على امتداد حوالي سنتين ظل النصب التذكاري للمرحوم عبد الرحمان اليوسفي بعيدا عن مزايدات الحقد والغل وتصفية الحسابات الرخيصة، وبمجرد أن فارق الرجل الحياة وقع المحظور، مع أن المنطق يقتضي العكس، ويفرض على من يكنون له عداوة أو بغضا أن يتحلوا بقدر من اللياقة واللباقة، وأن يحترموا مشاعر أهله وأصدقائه وأحبابه، وألا يصادروا حقهم في الحزن بممارسات مشوشة وتصرفات طائشة ستضيف إلى لوعة الإحساس بالفقد شعورا بخيبة أمل كبيرة، وإحساسا ممضا بطعنة غادرة من ألف خلف.
 
سلوك من دنسوا نصب المرحوم اليوسفي لايمكن أن نجد له تصنيفا خارج دائرة الخسة والدناءة والحقارة وانعدام التربية، ونحن متأكدون أن الفاعل يعاني من غياب الذوق، ومن أمية الدين والعلم والأخلاق، ومن فقدان الحس الإنساني....
 
 هؤلاء نذير شؤم يدعونا جميعا إلى الانتباه وأخذ الحيطة والحذر إلى ما ينبت حوالينا من نبات السوء، ويستفزنا لإعطاء التربية حقها، ولبعث التعليم من رماده لإنقاذ المجتمع من براثن جاهلية جهلاء قد تعصف بنا جميعا إن نحن تجاهلنا الجهل وتركناه يعمه في ضلاله المبين.
 
ولأنه لا يمكن أن يكون رماد بدون نار، فلا بد من الوقوف مليا عند شناعة سلوك من ظهروا عشية وفاة الرجل ليجلدوه، وليحذروا من أسطرة شخصه، وليسمحوا لأنفسهم، ولقرائهم بسكب الآنك على تاريخه، وتشييعه بعبارات التبخيس.
 
لن أذكر اسم "الدكتور" الكاتب المفكر الذي رمى وراءه معرفته العالمة، وتصرف بالأسلوب ذاته الذي تصرف به مدنسو النصب التذكاري، وحمل لواء القول ليترك لهم الباقي، ويوفر لهم سبل الفعل والممارسة، لكن لابد من وضع النقط على حروفه المصحفة.
 
لقد نسي صاحبنا أن لكل مقام مقالا، وأن مراعاة مقتضى الحال تفرض علينا أن نزن كلامنا وأقوالنا وأفعالنا قبل أن نقدم على أي تصرف، فقد يكون ضحكنا واجبا في مواقف معينة، وقد يكون ممجوجا في مواقف أخرى، وقد يفرض علينا المقام أن نتظاهر أحيانا بالحزن، ويوجب علينا أحيانا أخرى أن نتظاهر بالفرح حسب ما يقتضيه السياق وتوجبه الأعراف.
 
هذا "المفكر" إن كان قد انتقد الرجل في ما سبق، فيبدو كلامه هنا من قبيل التكرار الثقيل الذي لا يتساوق وطبيعة الحدث، وإن لم يكن تحدث عنه من قبل، فالأمر يدعو إلى الاستغراب، وسلوكه ينطق بالفجاجة وغياب الحس الأخلاقي، وافتقاد اللمسة البلاغية، وسوء تقدير الظرفية التي كان جديرا به أن يستحضرها، وأن يبتعد عن مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا يجني عليه تنطعه ويوقعه في ما وقع فيه، ويظهر ما كان مضمرا فيه.
 
الترحم على الرجل واجب إنساني وليس أسطرة، لكن يبدو أننا انحدرنا إلى الدرك الأسفل من الانحطاط الأخلاقي، وأصبنا بوعكات قاتلة جعلتنا نفقد توازننا العصبي، ونغار من الأموات، ومن ترحم الناس عليهم.
 
الأستاذ نور الدين الطويليع، الفاعل الإعلامي