أحمد مفيد : الملك عبر عن بالغ تأثره لفقدان المجاهد عبد الرحمان اليوسفي

أحمد مفيد : الملك عبر عن بالغ تأثره لفقدان المجاهد عبد الرحمان اليوسفي أحمد مفيد
قال أحمد مفيد، أستاذ القانون الدستوري بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس في شهادة خص بها جريدة "أنفاس بريس " بخصوص وفاة المجاهد الكبير عبد الرحمان اليوسفي إن الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في مسيرته الطويلة كان رجلا مخلصا لوطنه، مدافعا عن حقوق مختلف الفئات الإجتماعية، مؤمنا الى حد كبير بحقوق الإنسان، وبالديمقراطية، وبالحق في الإختلاف، وهذا ما جعله يحظى في حياته، كما في وفاته بإجماع قل نظيره، مضيفا بأن الإجماع الذي حظي به عبد الرحمان اليوسفي، والإشادة التي حظي بها لم يحظى بها إلا الزعماء الكبار، مشيرا الى أن الملك عبر من خلال رسالة التعزية التي تبعث بها الى زوجته عن بالغ تأثره لفقدان اليوسفي .
وفي ما يلي نص شهادة أحمد مفيد في حق المجاهد الكبير عبد الرحمان اليوسفي :  

 
المجاهد عبد الرحمان اليوسفي يعد من أبرز رواد الحركة الوطنية، ومن أبرز المناضلين الذين قادوا النضال ضد الإستعمار في الميدان. الأستاذ عبد الرحمان  هو أحد أهم مهندسي الإنتقال الديمقراطي في المغرب، وأحد أهم مؤسسي الفعل الحقوقي في المغرب، كما يعد أحد أهم المدافعين عن العدالة الإجتماعية، وعلى سيادة القانون، وعلى الديمقراطية.
الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في مسيرته الطويلة كان رجلا مخلصا لوطنه، مدافعا عن حقوق مختلف الفئات الإجتماعية، مؤمنا الى حد كبير بحقوق الإنسان، وبالديمقراطية، وبالحق في الإختلاف، وهذا ما جعله يحظى في حياته، كما في وفاته بإجماع قل نظيره، فالإجماع الذي حظي به عبد الرحمان اليوسفي، والإشادة التي حظي بها لم يحظى بها إلا الزعماء الكبار، فما قام به الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي سيظل خالدا، ولن يمحوه التاريخ، لأنه كحقوقي، وكفاعل سياسي وكمسيير ومدبر للشأن العام انطلاقا من تجربة التناوب التوافقي استطاع أن يبصم الحياة السياسية والمؤسساتية للمغرب ببصمات خاصة، فالأستاذ عبد الرحمان اليوسفي الى جانب نضاله السياسي استطاع هو ورفاقه أن يساعد على تأهيل المغرب لمرحلة مهمة ومفصلية من تاريخ المملكة المغربية، ألا وهي مرحلة الإنتقال الديمقراطي، التي بدأت مع حكومة التناوب التوافقي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، والتي استمرت مع عهد الملك محمد السادس.
الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي يعد كذلك أحد المهندسين الحقيقيين للإنتقال الحقوقي الذي شهدته المملكة المغربية، يجب أن لا ننسى بأن ما قام به الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي كان مؤثرا وعاملا أساسيا لإنجاح تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، لأن الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي كان ضحية وأصبح في ما بعد فاعلا أساسيا في ظل النظام الدستوري المغربي، باعتباره وزيرا أولا في ظل حكومة التناوب التوافقي، والى جانب ذلك مارس الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي السياسة بأخلاق، مارس السياسة بمعناها النبيل، واحترم كل الإختلافات داخل حزبه، وأيضا مع باقي الفرقاء السياسيين. كان الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي يعمل على تدبير الإختلاف بالحكمة المطلوبة والتبصر، وبكل ما يفرضه المنطق والمصلحة الوطنية.
تجربة عبد الرحمان اليوسفي كوزير أول كانت تجربة فريدة ومتميزة، فحكومة عبد الرحمان اليوسفي هي التي أوقفت " السكتة القلبية " التي كانت تهدد المغرب، والتي سبق للملك الحسن الثاني أن حذر منها، كما استطاعت حكومة عبد الرحمان اليوسفي أن تدشن اصلاحات اقتصادية واجتماعية مهمة.
 يجب أن نعلم أن الإصلاحات الحقيقية في مجال الصحة والتغطية الصحية بدأت مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي، كما أن تقليص معدل المديونية الخارجية والإصلاحات الإقتصادية المهمة بدأت مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي، بالإضافة الى الإصلاح الإداري ومكافحة كل أشكال الفساد الإداري، وكان الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي يمارس دائما بحكمته وتبصره النقد الذاتي وهو يمارس تدبير الشأن العام، وأيضا وهو خارج تدبير الشأن العام، وهذه الخاصية لا يتمتع بها إلا الكبار، لهذا يمكن التأكيد أن عبد الرحمان اليوسفي عاش كبيرا ومات كبيرا، والدليل على ذلك هو مضامين ما جاء في رسالة التعزية المطولة التي بعث بها الملك محمد السادس لزوجته، حيث أن الملك عبر عن بالغ تأثره لفقدان عبد الرحمان اليوسفي، علما أن حظي بعناية ملكية كبيرة، وهذا يعد من مكارم جلالة الملك، بالإضافة الى هذا الإجماع الذي حظي به من مختلف الفرقاء السياسيين ومن مختلف المؤسسات، فوفاة اليوسفي لا تشكل رزءا لعائلته فقط، بل هي خسارة كبيرة ورزءا كبير لكل المغاربة رغم اختلافاتهم السياسية والثقافية والمرجعية، وخسارة لكل المدافعين عن حقوق الإنسان والمؤمنين بقيم الديمقراطية، لأن اليوسفي اجتمع فيه الكثير من ما غاب عن غيره من الزعماء والفاعلين السياسيين .