عبد الإله حسنين: تحية لأطفال المغرب في يومهم الوطني

عبد الإله حسنين: تحية لأطفال المغرب في يومهم الوطني عبد الإله حسنين

خلد المغرب اليوم الوطني للطفل، الذي يصادف 25 ماي من كل سنة، وقد مر في أجواء محتشمة نتيجة الإجراءات الاحترازية وقواعد الحجر الصحي وانتهاء شهر رمضان وحلول عيد الفطر، إلا من بعض الإشارات هنا وهناك من طرف بعض الجمعيات الوطنية المهتمة كليا بمواضيع الطفولة والتربية والتنشيط عن بعد، والتي مزجت بين هذا وذاك وتواصلت مع الأطفال في أجواء احتفالية بالعيد.

 

وعلى هامش هذا اليوم نريد الإشارة إلى أن التربية هي أهم الرهانات التي يعرفها اليوم مجتمعنا، لأن التربية تهيؤ الأطفال للانخراط في مجتمع المستقبل من خلال تطوير مقاربة مستمرة ومتجددة تعتمد على المجتمع في شموليته وبتضافر مجهودات كل مكوناته، فيجب تطوير التنشيط والترفيه والتثقيف واكتساب المعارف مدى الحياة حتى نتمكن من توزيع المعينات الضرورية على الأطفال لامتلاك العالم من حولهم.

 

إن الأطفال هم الذين يشكلون السواد الأعظم من أبناء وطننا، إنهم يشكلون الأغلبية على صعيد المدن والقرى، وهكذا تمثل فئة الأطفال الذين لا يتجاوز سنهم الخامسة عشرة خمسي عدد السكان الإجمالي، ويقع على عاتق هذه الفئة ضمان استمرارية وتجديد المجتمع المغربي، كما يجعل منها سنها أي الخامسة عشرة شريحة سكانية حساسة ومعرضة للكثير من المخاطر، وهي شريحة متكفل بها في غالب الأحيان بحكم عدم دخولها في الفئة النشيطة بتعبير الاقتصاديين. لذلك وبغض النظر عن المشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها أغلب هؤلاء الأطفال وعائلاتهم يجب الاعتراف بأن لهم حاجيات وحقوق سواء على الصعيد المحلي والوسط العائلي أو على الصعيد الوطني، حاجيات تتزايد وتكبر يوما عن يوم. إنهم في حاجة إلى التثقيف والترفيه والبيئة السليمة، إنهم في حاجة إلى الحدائق للعب وإلى المركبات للرياضة وإلى مؤسسات دور الشباب للأنشطة وإلى الفضاءات التربوية والتخييمية للاستجمام والعطلة.

 

إن الطفل اليوم يجب اعتباره في الثنائية التالية: فهو في وضع اجتماعي يمنحه مرجعيات يعمل على تطويرها وإغنائها يوميا حتى يتمكن من العيش في توازن وانسجام مع محيطه الاجتماعي، وهو كذلك فاعل أساسي في بناء مراحل حياته المقبلة كراشد مواطن، لذلك سوف تكون مهمتنا الأساسية في مجالات التنشئة الاجتماعية هي بالدرجة الأولى مساعدة الطفل على بناء شخصيته المستقلة والمتوازنة وإعطاؤه الفرصة ليكون المرجع الرئيسي في عملية البناء هذه. لذلك ففي حياة الأطفال تتم عمليات التنشئة المجتمعية عبر قناة رئيسية هي المدرسة، حيث تقوم بدور تركيز قيم اجتماعية متعددة حسب طرق بيداغوجية مباشرة وغير مباشرة تطورت أو تقادمت حسب المناهج الدراسية المعتمدة. وبجانب المدرسة تقوم الأسرة أساسا بدور القناة الرئيسية لتمرير وتكريس وإعادة إنتاج تلك القيم وقيم أخرى، بغض النظر عن اختلاف انتماء أرباب الأسر لفئات المتعلمين أم لا، أو لفئات الميسورين وغير ذلك من التصنيفات الاجتماعية الممكنة، ولكنها تظل الموجه الأساسي للتنشئة في مجتمعنا الحالي.

 

وقد ظلت أوضاع الطفولة وحقوقها العمل الأساسي والشغل الشاغل لنا داخل حركة الطفولة الشعبية حين جعلت من "مساعدة الأطفال المحتاجين على نموهم وتحسين أوضاعهم في الميدان الصحي والثقافي والاجتماعي حتى يصيروا رجالا نافعين وصالحين" تتصدر لائحة أهدافها. كما أن العديد من بنود إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924 واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 شكلت جوهر ممارساتها التربوية وأنشطتها الموجهة للأطفال، كحق الطفل في التعبير، وتنمية مواهبه وقدراته العقلية والبدنية، وإعداده لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر بروح من التفاهم والسلم والتسامح والمساواة والصداقة وهو ما ينسجم مع أهدافها، ويكفي حركة الطفولة الشعبية فخرا أن تكون الجمعية المغربية الوحيدة والأولى التي أعادت نشر وتوزيع إعلان حقوق الطفل لسنة 1959 في حينه.

 

وفي ظل الظروف العصيبة التي تعيشها طفولتنا وعائلاتهم نفسيا وماديا وفي ضل حكومة لا تفكر بأطفالنا إلا نادرا؛ لا يسعنا إلا أن نوجه التحية العالية لأطفال المغرب دون تمييز وأن نحي العائلات ونساء ورجال التربية والتعليم وكل الساهرين على أمننا وسلامتنا ونقول لأطفالنا كل عام وأنتم بألف خير تحت الحجر وما بعد الحجر.