ليلى أشملال: من يوميات زمن الكورونا

ليلى أشملال: من يوميات زمن الكورونا ليلى أشملال

تلفاز لم يصمت لساعات، يبث ما تنقله القنوات التي لا تمل من الحديث عن هذا العدو الصغير، يصلني صوت المذياع في الجوار لا أدري ما اسم تلك القناة الإذاعية التي أصرت لأكثر من ربع ساعة على ضرورة أكل البرتقال لما فيه من فوائد (فيتامين سي الذي يقوي مناعة الجسم) تقيك الإصابة من هذا الفيروس غير المرئي، على حد قولهم.

 

التاسعة مساء، ووسائل إعلامية أخرى تمجد أكل الليمون بأكثر من طريقة عصرية، فئة كبيرة من الشعب تحتضر جراء ما اتخذته الدولة من قرارات من أجل الصالح العام، فئة كبيرة لم تجد أمامها سوى ما قدمه الوطن من إعانات نقدية قد لا تزيل كل ذلك الخوف والترقب والحيرة التي سكنت القلوب منذ أول إعلان رسمي يؤكد على ضرورة الحجر الصحي.

 

منتصف الليل، مازال الكل مشغولا بالموضوع ذاته، أتفحص وسائل التواصل الاجتماعي علني أجد مهربا من صداع شديد ألم برأسي.. أقرأ أن أحدهم تبرع للصندوق المخصص لجائحة كورونا وأشار لذلك عبر تدوينة في الأنستغرام، تعليقاااات كثيرة لمواطنين يعانون الويلات ويناشدون المحسنين في الفيسبوك علهم يظفرون بمن يقدم لهم يد المساعدة، ومجموعات كثيرة للطبخ على الواتساب تحولت لمجالس عزاء تبكي بحرقة خوفا من الموت بسبب الجوع عوض كورونا.

 

شمس صباح باهت، لا ألوان فيه وجرائد تمجد مجهودات الحكومة المغربية التي كانت سباقة في اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية بخصوص جائحة كورونا، جارتي تطلب مني الرمز السري لـ "الويفي" لعجزها عن تغطية مصاريف شحن الرصيد لابنها الذي يدرس بالباكالوريا، أدرك أن التعليم عن بعد في بلادنا محكوم عليه بالفشل...

 

قنوات كثيرة مازالت تبث السهرات الغنائية التافهة، وفي الجوار قرآن يتلى بنية رفع البلاء، تتملكني حالة فوضى عارمة، أتجاهل الموضوع...

 

الشعب تضامن مع نفسه، قيم أخلاقية كثيرة ظننتها ماتت لكنها تلوح في الأفق من جديد أمام أول عراك لنا مع فيروس صغير، أدرك أن الإنسانية مازالت في قلوب ووجدان الكثيرين وأن الحياة أشغلتنا بالكثير عن الكثير حتى عن أنفسنا وعلاقتنا بالخالق الذي نناشده الآن ليرفع عنا هذا البلاء ولترجع الأوضاع كما كانت سابقا لكن مع الكثير من الوعي والمسؤولية والدروس الكثيرة التي لولا هذه الجائحة لما تعلمناها.