منصف الإدريسي الخمليشي: طيابات الحمام والكسّالون والإهمال في زمن الكورونا

منصف الإدريسي الخمليشي: طيابات الحمام والكسّالون والإهمال في زمن الكورونا منصف الإدريسي الخمليشي

أخليت المساجد، المعابد.. حفارو المقابر في عطلة، موتى مجهولون، مقاهي فارغة.. في زمن الكوفيد19، أغلقت الحمامات فصار العالم يلجأ للدوش المنزلي، وذلك التزاما بالإجراءات الاحترازية والوقائية.. إلا أن هذا الاغلاق تسبب في تضرر أصحاب المقاولات الصغرى، أصحاب الحمامات، كما أن موزعي الحطب يشتكون من الأزمة ولم تتخذ الدولة قرارات لصالح هؤلاء الموزعين.. ليظل سؤالنا الأبرز في إطار هذه السلسلة المقالية، متى ستعود الحياة إلى حياتها؟ ولماذا لم تتخذ الدولة إجراءات من أجل تعويض الأجراء؟

 

عاملات وعمال الحمام من طيابات وكسالة، يعيشون انتكاسة كبيرة في هذه الآونة.. هناك تعويض 1200 درهم، لكنه غير كاف لسد حاجيات. أجير يعاني الويل في حياته العامة.. هناك أسرة تتكون من أربعة أسر.. لا يعقل إننا في زمن الأزمة.. وهناك مهن صغيرة، وهي فقط من أجل كسب قوت يومي.. أغلب "الطيبات والكسالة" يعيشون فقط لهدف واحد من أجل إنتاج رجل أو امرأة المستقبل الذين قد يفكون قيودهم من جبروت أصحاب المقاولات الذين يتجبرون أحيانا في مساعدة ضحايا عنف فيروس كورونا.

 

إن فيروس كورونا يعد من أعنف الأسلحة على الإطلاق في كل التاريخ.. ها نحن ذا نعاني زمن النكسة والنكبة والطاعون والكوليرا، وغيرها من الأوبئة والحروب.. في ظرف أقل من 185 يوما، خسر العالم آلاف ملايير الدولارات؛ إلا أننا وفرنا طاقة طبيعية كنا نحتاج لتخزينها بالآلات.

 

هذه الانتكاسة التي يعيشها العالم جراء هذا الوباء غير العادل، هي التي أظهرت لنا جميع أشكال التنمر، حكاما و أصحاب مقاولات.

 

ما يجنيه الحمام التقليدي من مداخل يومية كبيرة جدا.. بالمقارنة مع الأجر اليومي للأجراء، وصاحب المقاولة يتنمر في التعامل مع هذا الأجير الضعيف.

 

يذللون النفس، لكسب قوت اليوم.. يعرضون أنفسهم لأخطار كارثية على صحتهم.. هناك من قد يكون مصاب بداء السيدا أو أمراض جلدية أو حساسية أو غيرها من الأمراض.. تضحية الكسّال في سبيل حماية أطفاله وتربيتهم على الحسن والجمال هي وقاية له ومضاد حيوي ضد الفقر من أجل الإثمار والازهار وعدم الإحساس بالقهر.

 

إن حالة هؤلاء العاملين بهذا القطاع يعتبر تعذيبا لهم، بل والأكثر من ذلك أنهم كما قلت وسأكرر يتعرضون للاحتقار والطغاة الذين لا يعيرون الانتباه ولا يتصرفون أبدا بإنسانية الإنسان وحيوية الحياة و مدنية المدينة.

 

لا بد من إيجاد حل يشفي الغليل في انتظار نهاية هذه الكارثة المصطنعة التي تجهل مصادره لحد الآن.. كل واحد من الشعب والأمة يحلل حسب منطقه الخاص، إلا أن المؤمنين يقولون "قل ما يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".

 

الحمام في الثقافة المغربية يكتسي قيمة كبيرة، بفقدانهم لهذه العادة الأسبوعية كالسوق والموسم، جعلهم يغفلون جانب النظافة بعض الشيء.. فالدولة مطالبة بتسجيل هؤلاء العمال بنظام التغطية الصحية ونظام استكمال النقط فقط من أجل إيجاد قوت يومي، حيث الكسّال والطيابة يظلون في خدمة الغير إلى آخر العمر.. ووضع استراتيجية من أجل تكريمهم، ورد الاعتبار لهم... نحن في القرن 21.