محمد الشمسي : "المخزني" و"وكيل الملك" و"كورنا المفتولة العضلات"

محمد الشمسي : "المخزني" و"وكيل الملك" و"كورنا المفتولة العضلات" محمد الشمسي
لعلها شهادة صادمة تلك التي وردت في تسجيل صوتي صادر عن نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بطنجة، يروي فيه "ساعة من الجحيم" عاشها في سد أو معبر يفترض فيه أنه أمني، فإذا به يتحول إلى سد للترهيب والتعذيب والقرصنة واعتراض سبيل المارة ووضربهم وتعنيفهم، لم يكن الحديث صادرا عن ناشط جمعوي أو فاعل حقوقي حتى يمكن لوزارة الداخلية أن تفنده ببلاغات النفي والإنكار، والروايات الرسمية الجاهزة والموقعة لدى بعض  الوزارات، لكنها شهادة قاض روى بأسى وأسف بربرية من أوكلت لهم مهمة حماية الناس من عدوى كورونا، فإذا بهم يتغولون ويتحولون إلى "كورونا مفتولة العضلات"، تنقض وتصفع وتلكم وتسحل وتلعن وتسب، فإذا كان هؤلاء هم الحماة من كورونا، فإن كورونا الأصلية أرحم بضحاياها منهم، فعلى الأقل تصيبهم في الجسم وليس في الكرامة والجسم معا.
لا يمكن أن تمر حادثة ما وقع في هذا المعبر الأمني ــ ونَصِفُه بالأمني مجازا ــ ، دون تحليلها ووضعها في سياقها، فضحية التعنيف والتعذيب في النازلة ينتمي إلى أقوى جهاز أو مؤسسة في الدولة وحديثه صحيح أو هكذا يفترض، والجناة ينتمون إلى أقوى وزارة وهي الداخلية، ولا يمكن حفظ الواقعة أو محاولة ردمها في تراب صلح مفخخ يقبر الحقيقة المؤلمة التي تقول أن "الخارج من بيته بات مفقودا والعائد له مولود" في زمن عودة "سطوة المخازنية"، فذلك  لن يخفي الأثر البشع والوحشي لمخزنيين يفهمان العمل في معبر أمني بمفهوم "تهراس النيوف"، بل يتعين أن تكون الفرصة سانحة لفهم حجم الظلم الذي يتعرض له العامة من المواطنين من ظلم يطالهم من كل مسؤول يختفي خلف رتبة أو وظيفة أو نفوذ ويسيء استغلالها، فيجرف النفوذ والسلطة العدالة ويتحول المتسلط إلى ضحية، ويذهب صراخ الضحية الفعلي سدى، ثم يبلع محضرهم الرسمي "المقدس" كل صيحات النجدة و نداءات الاستغاثة ، ويساق صوب النيابة العامة بأوراق جاهزة "ومغيزة"، فيرمى بالضحية الفعلي في غياهب السجون، و يخرج الجاني الحقيقي منتشيا بطغيان مقنن، مزهوا برتبته وصفته، ويكون القانون والإنصاف أول الضحايا، وتتولد سحب انعدام الثقة بين المواطن والإدارة إلى حد الحقد والكره الشديد .
كما تطرح الحادثة مشكل إسناد المسؤوليات لغير أهلها وما إن كان هناك تقدير لهذه المسؤولية والقانون الضباط لذلك ، فالمخزني ليست له الصفة الضبطية حتى يمكنه تفتيش المارة وتوقيفهم واعتقالهم، فهو رجل مساعدة، بمعنى أنه يكون دائما وأبدا تحت مسؤولية ورقابة رئيسه في العمل الذي هو ضابط من ضباط الشرطة القضائية، قائدا أو باشا، وتدبير الحواجز الأمنية حدد لها القانون شروطه، ومن وضع المخزنيان على رأس السد الأمني ووضع كل السلط بين أيديهم ، يسائله القانون، فإذا كانا قد هاجما قاضيا ولم تشفع له صفته أمامهما فكيف هو حال العامة من الناس؟، لعلها رسالة واضحة حتى إلى النيابة العامة وللقضاء في مجمله، بأنه ليست كل الخلافات ما بين مواطن عادي ضد ذي وظيفة أو سلطة ورتبة أو نفوذ، تجعل من هذا الأخير ضحية، وأن مضامين المحاضر في المخافر ليست دائما عنوانا للحقيقة.
 أبرأ الله القاضي، ووقانا وإياكم من كل كورونا مفتولة العضلات، و"الله يخرج سربيس المخازنية" مع هاد كورونا على خير".