رشيد لبكر: قانون 22.20 ذهب إلى غير رجعة تحت الضغط الشعبي

رشيد لبكر: قانون 22.20 ذهب إلى غير رجعة تحت الضغط الشعبي رشيد لبكر
بغض النظر عن التوصيفات الذي أطلقت على قرار طي ملف المشروع الشيء الذكر، فأنا لا أحب الخوض في مثل التفاصيل، بل أفضل الوقوف عند المكتسب، وهذا هو الأهم في نظري، لأنه، يظهر بشكل جلي،  رغم تعدد القراءات، أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، وأن هناك العديد من الأشياء تتطور في الاتجاه الإيجابي، ويجب على الجميع أن يكون على وعد بهذا المتغير، سواء الفاعل الرسمي المنتج للسياسة العمومية أو المواطن المعني بها،  فمنذ  أن طفت هذه القضية على سطح النقاش، ونحن نتابع أطوار هبة فيسبوكية عارمة، حاولت عبر كل الآليات المعرفية الممكنة، شرح الأبعاد وتوضيح الخلفيات، ومن تم  تبرير الرفض وشرعنة التنديد، بل لقد تابعنا ندوات تفاعلية ليلية، كان فيها الحوار جاد وجدي وعكس وجهات نظر مختلفة، إلى أن تكلل كل هذا، بانتصار رأي الرافضين للمشروع وهم الأغلبية القصوى، ومن تم الإعلان عن طي الملف، وهو ما يشكل مكسبا وطنيا يتجاوز حتى حدود القضية ذاتها ويعزز اختيار البلاد للديمقراطية والسعي الشعبي نحو تدعيم ركائزها ، وبالتالي، فالتأمل في الواقعة ذاتها، مدعاة لرفض هذا المشروع، لأن القبول به، معناه وأد مثل هذه الممارسات التفاعلية، الحضارية والحوارية الرائعة التي صاحبته، فتحت أي ذريعة إذن وبأي منطق نقبل بمشروع يمكنه أن يستعمل "كل ما من شأنه" الإجهاز على هذه اليقظة "الفكروحقوقية" التي انتعشت مع شبكات التواصل؟ طبعا، لن يفكر في ذلك، إلا المتخوفون من الديمقراطية...
أما بخصوص ما وصف بأنه تأجيل وليس إلغاء، فبظني أن المسألة عندي سيان، فالحكومة تحاول تلطيف " إذعانها" للضغط الشعبي بتوصيف أكثر "رقة"، أما الواقع، فيؤكد أن المشروع ذهب إلى غير رجعة، إذ يكفي القول، أنه أرجأ إلى حين فتح نقاش بشأنه مع الهيئات المعنية، والتي سيكون من بينها، بلا شك المجلس الوطني للصحافة والنقابة الوطنية للصحافة وغيره من الهيئات الحقوقية، للقول بأنه ذهب في خبر كان، وحتى لو وجد، فإننا سنكون أمام قانون آخر تماما لا مجال فيه للحديث عن المواد الثلاثة مصدر الاحتجاج، إذ سيكون من المستحيل مرورها في ظل النقاش مع هذه الهيئات، التي ستسعى بحكم اختصاصها، إلى فرض رقابة أشد عليه، ويستحيل عليها - في ظني- القبول بمرور مثل هذه المقتضيات الماسة بالمكتسبات، وإلا فالاحتجاج سيكون اشد والضغط اقوي، والحكومة ليست في حاجة إلى إضافة هم جديد على همومها الملحة، والمتعلقة أساسا بتدبير وضع ما بعد كورونا. لذلك أنا أعتبر المشروع  في صيغته الحالية" قد مات" بصرف النظر أن الكلمات التي تم اختيارها للإعلان عن " نعي" الوفاة. 
مسألة أخرى أثارت انتباهي في هذه القضية الحبلى بالتساؤلات، وأرىأنها مفيدة جدا من الناحية البيداغوجية وتستحق أن تدرس في مختبرات القانون الدستوري، وهي الإعلان الذي أصدره وزير العدل يطلب فيه من  رئيس الحكومة إرجاء النقاش المتعلق بالمشروع، فهل كان من اللازم عليه فعل ذلك، ألا يكفي الإعلان عن ذلك من قبل رئيس الحكومة وعلى يد ناطقها الرسمي، إذ المفروض أن المشروع، مشروع حكومي وصودق عليه من طرف مجلس الحكومة، ومن باب التضامن، فالحكومة كلها مسؤولة عنه، والمسؤول عن الحكومة هو رئيسها، فما الداعي إلى كثرة هذه البيانات، وكأن وزير العدل، يريد أن يستدرك أمرا انفرط من يده، ويقول: " راه ما شي رئيس الحكومة للي أجلو...راه المبادرة جات من عندي"..وماذا بعد؟ ...الكياسة في نظري تقتضي احترام الشكليات المؤسساتية، وليس العكس..