كريم مولاي: خطاب الرئيس الجزائري الباهت والنهايات البائسة

كريم مولاي: خطاب الرئيس الجزائري الباهت والنهايات البائسة كريم مولاي
لم يدرك السياسيون الحاكمون في الجزائر إلى اليوم، أن الزمن السياسي كما الاقتصادي وربما أيضا الفكري والثقتفي بعد وباء كورونا المستجد وبعد حراك الربيع الجزائري الثاني لن يكون كما كان قبلها.
فقد عاد الرئيس الجزائري المعيّن إلى تكرار ذات السيناريوهات التي اعتادت العصابة الحاكمة في الجزائر عليها منذ استيلائها على الحكم عقب ثورة تحريرية لازالت مضرب الأمثال عبر العالم.
استدعت العصابة الحاكمة بأمر الجزائر، أربعة إعلاميين وجمعتهم إلى واجهتهم السياسية الممثلة في ساكن قصر المرادية عبد المجيد تبون، الذين قدموا تمثيلية سياسية على ركح إعلامي، لم يعد يحظى بثقة الجزائريين، بعد ما تأكد لهم بأن مختلف مؤسساته ليست إلا مجرد دكاكين تجارية تنتهي صلاحيتها بانتهاء أصحابها، وما تلفزيون "النهار" عنا ببعيد.
وبينما يواجه الجزائريون، مثلهم في ذلك مثل باقي سكان المعمورة، جائحة زاحفة تحصد أرواح البشر، ويلتزم الناس بيوتهم، تنفيذا لتوجيهات الجهات الصحية، يتسلّل إلى بيوتهم رأس الدولة ليخبرهم، بأن الدولة لن تتراجع عن سياساتها لمساعدة الفقراء في الوصول إلى الحصول على البيوت، وأن تراجع أسعار النفط لن يدفع بالجزائر إلى الاستدانة، وأن الأنباء عن السنة التعليمية البيضاء ليست إلا إشاعات لن تقدم عليها الدولة... 
لكنه انتهز الفرصة، والناس جميعا في بيوتهم، ليبلغهم أن عصب الدولة مازال متماسكا، وأن توجهه لإعادة صياغة المشهد السياسي مازال قائما، وأنهم يقفون بالمرصاد لأية شعارات سياسية مغامرة مطالبة بالتغيير، وذلك من خلال الوصول إلى مسودة دستور قال بأنه سيأمر بطبعها وتوزيعها على الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام لنقاشها والوصول إلى صيغة نهائية متفق بشأنها...
نسي تبون ومن يقف خلفه، أن وجوده في قصر المرادية جاء رغما عن الإرادة الشعبية، وأن جزءا كبيرا من الأحزاب المعترف بها لم تشارك في العملية الانتخابية التي جاءت به، بل وبعضها كان جزءا من الحراك الشعبي الذي أتى به هو إلى الحكم.. وتجاهل أصوات الأحرار القابعين وراء القضبان بسبب اشتراكهم في التبشير بمستقبل ديمقراطي تستحقه الجزائر.. 
وبذات المصطلحات التي مجها الجزائريون التي تتحدث عن السيادة الوطنية المفقودة، أعاد التمييز بين الوطني والعميل، وهي سمفونية لم تعد تنطلي على أحد، لأن باريس مازالت العاصمة الأكثر تأثيرا على عصابة الحكم في الجزائر على الرغم من كل هذا الضجيج المضلل...
وهكذا عاد تبون ليسوّق بخطاب المغرور، أن حل الأزمة الليبية لن يكون فاعلا في غياب الجزائر، متناسيا أن العاصمة الليبية تعيش منذ عدة أشهر تحت وابل الصواريخ الروسية والإماراتية والسعودية القاتلة للشعب الليبي والمدمرة لمؤسساتها.. وهذه الدول جميعها صديقة بل وحليفة لعصابة الحكم في الجزائر.. 
صورة باهتة، هي تلك التي بدا عليها تبون وهو يشارك في تمثيلية تلفزيونية، اختار لها أسماء بعينها، وحدد محاورها المشرفون على تعطيل مسار الانتقال الديمقراطي من العسكريين، تؤكد أن عصابات الاستبداد واحدة، وأنها بغبائها تختار نهايات بائسة لها لكنها موجعة أيضا لأوطانها ومكلفة الثمن لشعوبها.. فاللهم عفوك ولطفك ورحمتك بالجزائر وأهلها من هؤلاء..
كريم مولاي، خبير أمني جزائري