نوفل البعمري : المبادرة الملكية-الإفريقية لمواجهة كورونا

نوفل البعمري : المبادرة الملكية-الإفريقية لمواجهة كورونا نوفل البعمري
أطلق الملك محمد السادس مبادرة إفريقية، مبادرة للتفكير في مواجهة كورونا وآثارها الإنسانية والاقتصادية على القارة من خلال الاتصالين الهاتفيين اللذين أجراها يوم الاثنين 13 أبريل 2020،مع كل من رئيس جمهورية كوت ديفوار وجمهورية السنغال، حيث اقترح عليهم إطلاق مبادرة لرؤساء الدول الإفريقية تهدف إلى إرساء إطار عملياتي بهدف مواكبة البلدان الإفريقية في مختلف مراحل تدبيرها للجائحة ، وقصد تعبئة طاقات القارة السمراء وشعوبها لمواجهة الخطر المحذق بها، ولتتجنب القارة ما حدث في أروبا وأمريكا من اكتساح شبه كامل للفيروس لبلدان هذه التكتلات الإقليمية التي كانت قبل أسابيع تعد واحدة من التكتلات السياسية، الاقتصادية الأزقة عالميا والتي تقود وتؤثر في العالم، وتصنع سياسته، لكنها أمام قوة الفيروس واختيار أغلب بلدانها لخطة مناعة القطيع في مواجهة كورونا، أدى ذلك إلى شبه انهيار كلي للقيم التي ظلت تسوقها للعالم قيم التضامن، التآزر الأوروبي مقابل ما شاهدناه من اختيارات فردانية تعكس حقيقة الوضع الذي آلت إليه، من حديث عن قرصنة الأدوات الطبية، احتجاجات لشعوب بعض الدول خاصة الإيطالي بسبب تركه وحيدا أمام الفيروس،إعادة إغلاق الحدود بين الدول الأوروبية،وصولا إلى الانهيار الكامل لأسعار البترول والبورصة الأمريكية، هي كلها اختيارات تعكس بزوغ توجهات جديدة لن تكون عليها قارة أوروبا ولا القارة الأمريكية كما كانت عليه قبل كورونا.
في المقابل، في قارة قريبة من أوروبا، اختار الملك بدل أن ينغلق على بلده،و النجاة فقط بالمغاربة، كان له اختيار آخر، معاكس للاختيارات التي سارت عليه عدة دول وتكتلات إقليمية أولها القارة الأوروبية،اختار أن يمد اليد لإفريقيا، ويعلن عن خطة جماعية لمواجهة الفيروس، عن اختيار لنهج النجاة الجماعي لكل شعوب المنطقة وهو ما تجسد عمليا في مبادرات اتجاه دول افريقية أولها مالي التي شكرته على الدعم الطبي الميداني الذي خصصه باسم المغرب لهذا البلد الإفريقي.
نحن لسنا أمام اختيار ملكي مناسباتي أملته الحاجة لمواجهة تهديدات كورونا، بل إننا أمام اختيار واضح، استراتيجي للمغرب ملكا ومؤسسات، تجلى منذ اليوم الأول الذي اختار فيه المغرب العودة لاسترجاع مقعده في الاتحاد الإفريقي، والكلمة التي ألقاها الملك محمد السادس في القمة التي تلت طلب العودة، وكانت عبارة عن برنامج لميلاد إفريقيا جديدة، إفريقيا حرة، موحدة على قيم التعايش الجماعي، على استغلال شعوبها لخيراتها،على السلم والتنمية،حيث وعكس ما ذهبت إليه بروباغندا الخصوم،فإفريقيا لم تكن أمام إعلان نوايا، فقد وجدت نفسها أمام خطاب عبارة عن برنامج يعكس رؤية ملكية ،مغربية لما يجب عليه أن تكون عليه إفريقي، لما كنا كانت عليه لعقود حيث كانت قد تم حولت لمجرد أداة للهيمنة ولاستعمال أجهزة الإتحاد الإفريقي في تقسيم شعوب المنطقة ودفعها للعنف والحروب الأهلية، إنه فشل لجنوب أفريقيا ولاختياراته هذا البلد والمحور المتحلق حولها، والذين أداروا ظهرهم اليوم لإفريقيا واختاروا بدل ذلك محاولة جر المغرب لمواجهة دبلوماسية بدل الانخراط معه في مواجهة الجائحة، التي حذرت مؤخرا منظمة الصحة العالمية من كون الفيروس قد يشكل خطرا،وتهديدها حقيقيا لإفريقيا.
مبادرة المغرب،هي مبادرة للمستقبل،للعيش المشترك، للدفاع عن حق شعوب أفريقيا في الحياة.
المبادرة الملكية الموجهة للقادة الأفارقة، هي مبادئة للحياة، تهدف ليس فقط إلى مواجهة الجائحة،بل إلى الاستعداد لما بعدها، لمواجهة مختلف التحديات الاقتصادية،الاجتماعية والسياسية التي ستواجه القارة مستقبلا وهي تحديات لا يمكن مواجهتها بالاختيارات الفردية بل بالمواجهة الجماعية للوباء برؤية قيادية للقارة كالتي أطلقها محمد السادس.