عبد الحق غريب: لهذا علينا أن نحتاط كثيراً من كل ما يصلنا من أخبار حول وباء كورونا 

عبد الحق غريب: لهذا علينا أن نحتاط كثيراً من كل ما يصلنا من أخبار حول وباء كورونا  عبد الحق غريب

الحرب على العراق كانت مناسبة لمعرفة  قوة الإعلام ومدى تأثير الخبر على الرأي العام.. لقد تبيّن بالحجة والدليل أن أمريكا كانت تصنع الخبر، وكانت تهيئ المنتظم الدولي بشكل عام والعالم العربي والإسلامي بشكل خاص لضرب العراق، وكانت تروّج الصورة التي تريد عن هذا البلد الشقيق وعن قوته العسكرية وامتلاكه للسلاح الفتاك وما إلى ذلك.. وقد لعبت آنذاك قناة الجزيرة دورا كبيرا في هذه المهمة القذرة.

 

كنا نسمع ونتابع الأخبار، ولم يكن بين أيدينا بديل عن قناة الجزيرة وما يأتي من القنوات الغربية، بالإضافة إلى إعلامنا الذي كان (ولا يزال) يلعب دور الببغاء إلى جانب الجرائد الورقية.. الأغلبية الساحقة منا كانت تصدّق ما يتم تداوله من أخبار ومعلومات، بل منا من كان فخورا بالقوة العسكرية العراقية وترتيبها عالميا.. الأغلبية كانت تستهلك المعلومة ولا حول ولا قوة لها..

 

اليوم، نعيش أخطر وأفظع مما عشناه قبل وإبان الحرب على العراق.. نعيش اليوم جائحة كورونا التي قلبت العالم رأسا على عقب، تزامنا مع سهولة وسرعة نشر وتناقل الخبر والمعلومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وانفراد الغرب دائما بسيطرته على صنع الخبر، بالرغم من كل ما يمكن أن يُقال حول عدد المصابين والقتلى بسبب الفيروس، ونهاية الإمبريالية ونظام عالمي جديد وما إلى ذلك.

 

المشكل الذي نعيشه اليوم بالإضافة إلى استهلاكنا للخبر والمعلومة بشكل أعمى (وأنا هنا لا أعمّم طبعا)، هو عدم القدرة على التحقّق والتأكد من بعض المعلومات.. وهنا أتكلم على المعطيات التي تم تداولها حول الفيروس كوفيد19. وأذكر على سبيل المثال لا الحصر المعلومة التي بدأت بالقول إن الفيروس كبير الحجم، وبالتالي فإنه لا ينتقل عبر الهواء، ثم قيل بعد ذلك أنه يمكن أن يتنقل عبر الهواء عن بعد متر واحد، ثم قيل أنه يتنقل عن بُعد 5 أمتار، والله أعلم ماذا سنسمع غدا.. أما كم من ساعة يبقى "حيّاً" فوق اليد أو أسطح البلاستيك أو المعدن، ومعلومات حول الكمامات، فحدث ولا حرج.

 

صحيح أننا نسعى إلى معرفة ما يجري حولنا وما يدور في العالم، وأننا  نتعطش لفهم كل ما يتعلق بفيروس كوفيد19، وأننا نبحث عن آخر مستجدات الخبر والمعلومة، وأننا نفتقر إلى إعلام وطني وعربي حرّ وقوي، ولكن يجب علينا أن نحتاط كثيراً من كل ما يصلنا من أخبار ومعلومات عبر الواتساب والفيسبوك على مدار اليوم، وأن نتريث قليلاً ولا ننشر كل ما نتوصل به، قبل التأكد من مصدر الخبر ومدى مصداقيته وخلفيته.

 

- عبد الحق غريب، أستاذ جامعي