ولا يفصل المغرب عن يوم انتهاء الحجر الصحي سوى أقل من خمسة أيام، وهناك حديث هنا وهناك عن احتمال رفع الحجر الصحي مع الإبقاء على حالة الطوارئ الصحية، وهو قرار استدعته ظروف المعيش اليومي للمواطنين الذين وجدوا أنفسهم يُؤمَرون فجأة وبقوة القانون بدخول بيوتهم وإغلاقها خلفهم، بدون سابق ترتيب او استعداد، كما تفرضه محاولة موازية لإسعاف الاقتصاد الوطني الذي وقع في انزلاق حاد.
وإذا كان الكبار قد استلهموا طقوس الوباء، وخبروا الوقاية والاحتراز، وستكون عودتهم إلى أعمالهم محكومة بكثير من الحيطة، فإن الصغار في المدارس لا سيما المستويين الابتدائي والإعدادي لن يقدروا على ضبط حماسهم وعفويتهم التي لا تبالي بالأخطار والمخاطر، فليس هناك طفل سيلتزم بمسافة الأمان أو بوضع الكمامة أو بغسل يديه كلما دعت الضرورة لذلك، فهم مندفعون سيتخذون من دروس الوقاية هزء وسخرية بل وتحديا، في نطاق انعدام النضج، فما لم يستهتر الصغير بالكبائر فهو ليس صغيرا، وهذا منطق سليم، لذلك يتوجب منح المدارس والإعداديات هامشا من الوقت الى حين انطفاء بركان الوباء الذي قلنا أصاب 2024 شخصا ونحن في عز حجر صحي، فماذا لو رمينا له بفلذات أكبادنا لكي يتسلل إلى أجسادهم الصغيرة؟، خاصة وأن فضاءات المدارس سواء الحكومية أو الخصوصية هي مرتع خصب لتفشي الوباء، بحكم الاكتظاظ والمخالطة والاحتكاك بين الصغار، وحتى الآباء والأمهات لن يرسلوا أبنائهم إلى المدارس مادام شبح كورونا يخيم على سماء المملكة لاسيما فوق الجهات التي تخطت عتبة المائة مصاب، لذلك وتفاديا لسوء فهم ما بين الوزارة الوصية على القطاع وأولياء التلاميذ فإنه يتعين توفير مسافة للتأمل والتأمل، والإبقاء على المدارس مغلوقة وعلى دروس التعليم عن بعد، بما لها من سلبيات لكنها اختيار المضطر.
وأما الكليات والمعاهد فرغم أن مرتاديها من فئة الشباب الراشد المسؤول، فلابد من نهج يخفف كل زحمة وكثير اختلاط بتقليل ساعات التواجد فيها، مع تثبيت كاميرات ترصد كل احتشاد أو سلوك ممنوعين، وجعل الوقاية مقدمة كل حصة أو محاضرة أو درس.
نقول هذا حتى لا تذهب مجهودات المغرب التي أشاد بها العالم سدى، نقول هذا حتى لا يدك الجمل كل ما حرثه، وحتى لا نبكي في آخر أنفاس المواجهة ، فلكم نسعد حين لا نسمع أن المدارس من ضمن البؤر الموبوءة، وحين لا نحصي من بين المصابين أو الضحايا صغارا أبرياء جرتهم براءتهم نحو عش الوحش.