المسعودي : التعليم عن بعد بسبب "كورونا" لن يعوض الدروس الحضورية أبدا

المسعودي : التعليم عن بعد بسبب "كورونا" لن يعوض الدروس الحضورية أبدا حسن المسعودي
يرى حسن المسعودي رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق التلميذ( ة) بمكناس أن عملية التدريس عن بعد فرضها ظرف انتشار فيروس كورونا الفتاك، ولكنها وفي ظروف استمرار الأعطاب البنيوية لمنظومتنا التربوية ستزيد من غياب تكافؤ الفرص وضعف التحصيل، مؤكدا بأن الدروس عن بعد إجراء تربوي داعم للتعبئة العامة ضد كورونا ولن يعوض أبدا الدروس الحضورية.
 
كيف تقيم التعليم عن بعد في إطار حالة الطوارئ الصحة التي تعيشها البلاد بسبب وباء كورونا ؟
بداية لابد من توجيه تحية خاصة لنساء ورجال التعليم الذين يبذلون جهودا استثنائية من أجل استمرار التحصيل الدراسي و إنقاذ السنة الدراسية، و لكل من يقف اليوم في الصفوف الأمامية لمواجهة جائحة كورونا وفي مقدمتهم كل شغيلة الصحة العمومية من أطباء وممرضين وإداريين وعاملات نظافة وغيرهن.
أعتقد أن محاولة تقييم الدراسة عن بعد الجارية في هذه الظروف ستبقى محاولة بعيدة عن الموضوعية في غياب معطيات دقيقة، خاصة وأن لغة الأرقام لا تفي دائما بالغرض، إذ لا يتعلق الأمر فقط بعدد المتعلمين المستفيدين من هذه الدروس فحسب وإنما التقييم يجب أن يتوجه، أيضا إلى الوقوف على مدى تحقق الأهداف المتوخاة من العملية التعليمية التعلمية . ومع ذلك يمكن تسجيل الملاحظات التالية :
إن عملية التدريس عن بعد فرضها ظرف انتشار هذا الفيروس الفتاك و لكن للأسف في ظروف استمرار الأعطاب البنيوية لمنظومتنا التربوية لتزيد هذه العملية من غياب تكافؤ الفرص وضعف التحصيل. ولهذا اعتبرنا في الجمعية المغربية لحقوق التلميذ(ة) أن الدروس عن بعد إجراء تربوي داعم للتعبئة العامة ضد كورونا و لن يعوض أبدا الدروس الحضورية.
 
ماهي أبرز الصعوبات المطروحة في هذا الإطار ؟
الصعوبات في هذا الإطار عديدة ، فعملية التدريس عن بعد تقررت بشكل فجائي فلم يسبقها تكوين الأطر التربوية تقنيا في هذا المجال، سواء على مستوى إنتاج المواد الرقمية أو توظيف تقنيات التواصل عن بعد ، وينضاف إلى ذلك قلة توفر الوسائل التقنية أو بدائية المتوفر منها، و شروط العمل داخل المنزل بما يتطلبه من فضاء خاص و هدوء، ومشاكل الصبيب...أما من جانب الفئات المستهدفة فلابد من استحضار الواقع المزري الذي تعيشه الكثير من الأسرة المغربية، واقع الفقر المدقع والأمية والسكن غير اللائق (لنستحضر تعدد الأسر القاطنة بمنزل واحد )، هذا الواقع يقصي العديد من المتعلمين من الدراسة عن بعد.
 
بعض الآباء يبدون انزعاجهم من التعليم عن بعد بسبب تفشي الأمية وبسبب عجزهم عن مواكبة دراسة أبنائهم بشكل يومي، خصوصا مع تعدد الأبناء، ما رأيك ؟
طبعا الانزعاج وارد أولا بسبب ظروف الحجر الصحي، فالخوف المستمر من الإصابة بالفيروس، والتواجد اليومي لمدة 24 ساعة بالبيت ستكون له انعكاسات نفسية وسلوكية بالنسبة لجميع أفراد الأسرة، و يتفاقم ذلك بارتباط مع طبيعة السكن غير اللائق، ناهيك عن ضرورة تلبية حاجات الدراسة عن بعد التي تتطلب المواكبة والتتبع من طرف الآباء و الأمهات وتوفير الوسائل التقنية من حواسيب أو هواتف ذكية و صبيب الإنترنيت، وتزداد الأمور تعقيدا مع تعدد المتعلمين بالأسرة و تدني المستوى التعليمي للآباء والانشغال بتوفير أسباب العيش.
 
هناك من يرى أن محدودية مدارك الآباء في المجال المعلوماتي وضعف صبيب الإنترنيت وعدم توفر الغالبية العظمى من التلاميذ على الأجهزة الإلكترونية سيتكون له تداعيات وخيمة على تحصيل التلاميذ، فماهو رأيك بهذا الخصوص ؟
أكيد أن كل ما ذكرته سيزيد من تعميق الفوارق بين المتعلمين ومن عدم تكافؤ الفرص، وهذا ما يؤكد محدودية هذا التعليم وانعكاساته السلبية و بالتالي وجوب تجنب التفكير في اعتباره بديلا للدراسة الحضورية، وإضافة إلى سلبياته السالفة الذكر، فهو يعدم العلاقات التواصلية المباشرة بما لها من أبعاد تربوية و إنسانية في التنشئة الاجتماعية للمتعلم .
إننا في الجمعية المغربية لحقوق التلميذ(ة) دعونا إلى اعتماد تدابير استثنائية لإنقاذ السنة الدراسية بأقل الخسائر وليس على حساب أبناء الشرائح الدنيا من الشعب المغربي، وندعو بالمناسبة إلى إعادة النظر في السياسة التعليمية لما للتعليم من ارتباط وثيق بالتنمية الحقيقية وإلى عدم الانصياع لتعليمات المؤسسات المالية الدولية الهادفة إلى جعل التعليم في خدمة أقلية تتحكم في ثروات العالم ، وتحويل السواد الأعظم من البشرية إلى أدوات إنتاج يمكن التخلص منها، ضدا على كل المواثيق الدولية ذات الصلة بالحق في التربية والتعليم أو بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.