أحمد فردوس: هل يفكر العثماني في أنجع سيناريوهات لرفع حالة الطوارئ الصحية؟

أحمد فردوس: هل يفكر العثماني في أنجع سيناريوهات لرفع حالة الطوارئ الصحية؟ أحمد فردوس
حذر مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من خطورة "رفع متسرع لإجراءات العزل".
وقال أن هذا الأمر قد "يتسبب بعودة قاتلة لفيروس كورونا كوفيد ـ 19 ، وأشار في تصريحه أنه "كما الجميع، منظمة الصحة الدولية ترغب في رؤية رفع القيود ".. لكن شدد على " أن التسرع في رفع القيود قد يؤدي إلى عودة قاتلة للوباء، وأكد قائلا: إن "تراجع الإصابات بالوباء قد يكون بمثل خطورة تفشيه في حال لم يتم التعامل معه على نحو سليم".
بمعنى أن رفع حالة الطوارئ الصحية مازالت بعيدة المنال وتتطلب سيناريوهات قابلة للتطبيق حتى لا تتسبب مثل هذه القرارات العشوائية والمزاجية في عودة جائحة كورونا .
أهمية هذا التصريح تضع أمامنا أسئلة مشروعة نوجهها عاجلا لرئيس الحكومة الذي عودنا على قول الشيء والعمل بضده...وفق المثل المغربي: (كلام الليل يمحوه النهار أو طلع تاكل الكرموس شكون قالها ليك).
لننعش الذاكرة بهذا السؤال : ألم يصرح السي سعد الدين العثماني الطبيب ياحسرة، أمام الرأي العام بأن الأمر لا يتطلب نهائيا وضع الكمامات الواقية في إحدى خرجاته السابقة.. وبين عشية وضحاها انقلب على نفسه وخرج بسنطيحته دون أن يحمر له خذ، ليلزم الشعب باستعمال الكمامات أو التعرض للعقوبة والغرامة في زمن كورونا؟
وفي الوقت الذي تشهد فيه العديد من المدن نقصا ونذرة من الكمامات ويتعرض المواطنين للتوقيف والتقديم أمام المحاكم بتهمة عدم وضع الكمامة من طرف السلطات العمومية، خرج أحد وزارء حكومة العثماني يتحدث عن اتصالات عدة دول أوروبية لعقد صفقات لتصدير الكمامات..(تكبير ...الله أكبر ).
هذه التصريحات والقرارات الارتجالية والمزاجية دفعت بالناس إلى السخرية والتفكه بمرارة من رئيس الحكومة بالقول: "أصبحنا لا نخاف من فيروس كورونا بل نخاف ونحتاط من الغرامة والعقاب إذا صادفتنا دوريات السلطات العمومية الملزمة بتطبيق القانون ".
نعم، نعي جيدا أن المواطن المغربي يتطلع بأمل كبير إلى رفع حالة الطوارئ الصحية وعودة الحياة إلى سابق عهدها قبل الزمن الكوروني الأجرب، ونعي كذلك بأن عدة قرارات ذكية واستباقية تم تنزيلها لمحاصرة كورونا وتضييق الخناق على الفيروس في ساحة حرب تطلبت من الدولة التضحية بالجانب الاقتصادي في سبيل الأمن الصحي للشعب وراحته. لذلك ننبه الحكومة بأن تتخذ مسافة بينها وبين القرارات الحكيمة ذات الصلة برفع حالة العزل والطوارئ الصحية، لأنها من اختصاص خبراء عقول الوطن.
إن الإعلان عن قرار حالة الطوارئ الصحية واستنفار الموارد البشرية الأمنية والإدارية والعسكرية لتطبيق مضامينه القانونية ذات الصلة، بالإضافة إلى قرارات إغلاق الحدود، وإلغاء العديد من الأنشطة، وتعليق الدراسة بمختلف المؤسسات التعليمية ومتابعتها عن بعد، و إغلاق عدة مرافق عمومية وتوقيف النقل العمومي بين المدن، ووضع متاريس المراقبة الأمنية عند مداخلها ومخارجها، وتوفير المئونة للمواطنات والمواطنين، ومساعدتهم ماديا من خلال صندوق مكافحة جائحة كورونا، بعد توقف عجلة العمل بالقطاعات غير المهيكلة كلها إجراءات تحتسب لخبراء العقل الأمني و الصحي الذي اشتغل بحكمة وتبصر بشهادة الجميع.
إن هذه الرزنامة من القرارات الذكية والجريئة، لا يمكن لرئيس الحكومة أن يجازف بها، و يتخذ قرارا مزاجيا ومتسرعا ويضرب عرض الحائط بكل هذه المجهودات الجبارة ويعلن بين عشية وضحاها عن رفع حالة الطوارئ دون التفكير مليا في وضع سيناريوهات محكمة الدراسة والتمحيص وقراءة كل تبعاتها وتداعياتها حتى لا ينطبق علينا المثل المغربي القائل "كب الما في الرملة".
نعم، يجب التفكير برزانة وحكمة من الآن، ونحن نعد عكسيا مسافات زمن الحجر الصحي ومكوث الناس في بيوتهم طيلة هذه المدة وما تبقى منها ، (يجب التفكير ) في أحسن وأجود السبل و الخطوات التي سنتبعها تدريجيا لرفع حالة الطوارئ الصحية في مجموع التراب الوطني لكي لا نتسبب في عودة وتسلل غير مرغوب فيه للفيروس اللعين بين شقوق أبوابنا ونوافذنا.
لنا اليقين التام بأن خبراء ومهندسي العقل الأمني والصحي بوطننا العزيز يشتغلون ليل نهار بأطقم ولجن مختصة قادرة على الإعداد لوضع أنجع السيناريوهات المحكمة والتصورات الناجحة لمباشرة رفع الحجر الصحي في آخر يوم من العد العكسي، لكن لا بد أن ننبه رئيس الحكومة الذي يتسرع دائما في إطلاق بلاغاته عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وكأنه خلق ليفكر لوحده مع مريديه ويتواصل مع محيط حزبه وحركته الدعوية دون تنسيق مع الخبراء و المختصين والعارفين بتفاصيل أزمة وباء كورونا. لأن إعلان قرار رفع حالة الطوارئ الصحية أصعب بكثير من بداية إعلان قرار حالة الطوارئ والذي أعطى مفعوله الإيجابي على مستوى محاصرة انتشار الوباء.
لهذا سنطرح هذه الأسئلة التي نعتبرها مفاتيح أساسية لمختلف أبواب سيناريوهات رفع حالة الطوارئ الصحية:
ـ على مستوى التعليم، هل سيتم فتح المؤسسات التعليمية بمختلف أسلاكها دفعة واحدة أم أن الأمر سيحتاج إلى وضع تراتبية وأولويات لبعض المستويات عن أخرى، فضلا عن إمكانية تمديد عملية التعليم عن بعد وتأجيل استئناف الدراسة لبعض المستويات إلى أجل آخر ؟
ـ هل سيتم فتح الأسواق الأسبوعية بالعالم القروي؟ وما هي الإجراءات الاحترازية التي ستواكب هذا القرار؟ وما هي سيناريوهات إعادة انعاش هذه الأسواق دون السقوط في مشكل عودة الفيروس بطريقة أو أخرى؟ ونفس الشيء بالنسبة للأسواق الكبرى التي تعرف منسوبا قويا للتبضع ؟
ـ كيف سيتم التعامل مع قرار التنقل من مدينة إلى أخرى؟ وماهي المسافات الزمنية الفاصلة بين إطلاق عملية التنقل من إقليم لإقليم و السفر من جهة لأخرى؟ وهل سيتم إطلاق وسائل النقل العمومي دفعة واحدة أم بشكل تدريجي بالمحطات الطرقية العمومية (حافلات وطاكسيات وقطارات...)؟
ـ كيف سيتم الإعداد لسيناريو عودة الأنشطة الاقتصادية بالشركات والمقاولات ؟ وكيف سيتم التعامل مع كل الموارد البشرية العاملة بمختلق القطاعات الحيوية التي توقفت بسبب جائحة فيروس كورونا؟
هذه بعض الأسئلة وأخرى حارقة ترتبط بمجالات حيوية ، من المفروض أن يضعها رئيس الحكومة في الحسبان وإشراك دوي الاختصاص في معالجتها لوضع سيناريوهات ممكنة لهذا الغرض، في أفق أن ننجح قرار رفع حالة العزل والطوارئ الصحية تدريجيا بعد اندحار فيروس كورونا في ساحة الحرب ميدانيا التي يتقدم صفوفها نساء ورجالات الوطن من جنود ودرك ملكي و أطباء وممرضين وأساتذة وعناصر الأمن والقوات المساعدة وعمال النظافة والمتطوعين .