لقد قلنا هنا ومنذ عشرات السنوات سواء في أسبوعية "الوطن الآن" أو في "أنفاس بريس" أن طبيعة ملفات مغاربة العالم؛ هي متشعبة ومتشابكة، وأن على مهندسي الحكومات أن يأخذوا بعين الاعتبار تلك المعطيات، ويقرروا بذلك إما إلغاء وزارة الجالية وتعويضها بمندوبية سامية تابعة مباشرة لصاحب الجلالة، أو اعتبارها وزارة سيادية وبالتالي فلا يجب أن تتحزب أو تتسيس..
لكن، ما نلاحظه اليوم من ترد لأوضاع الجالية ومن تهديد لحقوقها المكتسبة وعدم تطبيق حقوقها الدستورية وتهديد لمصالحها ومدخراتها و لعقاراتها بالمغرب...هو نتيجة لإدخال ملفات الجاليات المغربية بالخارج في حسابات سياسية ضيقة أو ترضية " لخواطر " بإسناد الحقيبة الوزارية إلى أي أحد بدون مراعاة خطورة وتعقد وتشابك خيوط ملفات الهجرة...
فنزهة الوافي وزيرة الجالية "مع وقف التنفيذ" بكل الأسف، لم تستطع أن تفرض نفسها حتى كمهاجرة على الحكومة، رغم قلة سنوات إقامتها الفعلية بايطاليا ورغم قلة احتكاكها بالمهاجرين، مما يعني أن رصيدها المعرفي بالجالية بين الضعيف والمتوسط...كما أنها تجلب عليها المشاكل بمناسبة كل خرجة إعلامية..!
فكلنا يتذكر هفواتها الموثقة بالصوت والصورة وادعاءاتها بالتدريس في الجامعات الإيطالية وأشياء أخرى..وبعدها قيل أنها عدلت من سيرتها الذاتية في موقع وزارة الهجرة....
نحن مغاربة العالم نعيش ظروف استثنائية جد معقدة في زمن فيروس كورونا..بفعل الحجر الصحي وشبه توقف للحياة ببلاد المهجر...وتناسل الاخبار عن سقوط مغاربة العالم كضحايا لكورونا.. واستحالة الدفن بالمغرب ، لان الحدود مغلقة حتى اشعار آخر ...مع ان العديد منهم لهم عقود تأمين لنقل الجثث.. كما تم منع بعض مزدوجي الجنسيات من الالتحاق ببلدان الإقامة حيث تنتظرهم هناك أسرهم ومقرات عملهم..ومغاربة سياح ومرضى عالقين بالجزيرة الخضراء وبلجيكا وفرنسا وايطاليا...وغيرها...
انتظرنا طويلا خروجا إعلاميا للسيدة الوزيرة تفصل فيه بالشرح الممل الإجراءات المتخذة في سبيل حل كل تلك المعضلات..كمسؤولة حكومية ( السلطة التنفيذية) على شؤون مغاربة العالم..وكنا على استعداد لقبول كل الأعذار في إطار تواصلي سليم..
لكن العكس هو الذي حصل فالسيدة وزيرة الجالية كانت مشغولة بأشغال الدورة السادسة للمنتدى الإقليمي الإفريقي للتمنية المستدامة(7 أبريل 2020)...مبررة ذلك بأنها " عضو مقرر " لتلك الندوة مع أنها نالت تلك الصفة لكونها كانت كاتبة الدولة مكلفة بالتنمية المستدامة فقط ، أي بالصفة في الدورة الخامسة، وبالتالي فكان من الأولى للوافي أن تترك تلك المهمة لشخص آخر في وزارة زميلها في الحزب و الحكومة عبد العزيز الرباح المكلف بالتنمية المستدامة الآن..على أن لا تملأ وقت فراغها بتنشيط ندوة قطاع وزاري آخر بعيد عن وزارتها في الشؤون الخارجية و الجالية....
هذا في الوقت الذي تعلن فيه وزارة بوريطة عبر بلاغات السفارات والقنصليات بتكلفها بتكاليف الدفن واحترام الشريعة الإسلامية في دفن قتلى كورونا..
وتكوين خليات بكل القنصليات و السفارات...ورغم أن لنا العديد من علامات الاستفهام حول عمل تلك الخليات و القصور في عمليات التواصل مع الجالية.. وتسابق بعض " لحاسين الكابة " الطامعين في بعض التزكيات والدعوات... في تحسين وجه هذا الموظف القنصلي أو الآخر..فإننا نسجل تحسنا في أداء بعض القنصليات في تدبير أزمة كورونا...فأين وزيرة الهجرة من كل هذا...؟
الحقيقة أن السيدة نزهة الوافي هي في موقف لا تحسد عليه...فالمسكينة بدون اختصاصات لحد الساعة يعني بدون بوصلة، لكن يظهر أنها راضية بهذه الغنيمة الحزبية و السياسية الضيقة و كفى المؤمنين شر القتال...
فالسيدة الوزيرة حلت بصفتها حاملة لحقيبة الجالية الثقيلة على امواج إذاعة بيضاوية في الأسبوع الماضي..وتدخلت لتقول لا شيء...فقد أعادت علينا قراءة كل بلاغات ومذكرات وزارة بوريطة بطريقتها الإنشائية..وهي طريقة أكل عليها الدهر وشرب الشاي والقهوة في زمن الثورة الرقمية و زمن الرقن على الزر ...حتى أنها نصحتنا ( الله يجازيها بخير ) بتقديم الشكايات في البوابة الوطنية المخصصة لذلك، مع أنها ليست هي صاحبة فكرة البوابة التابعة أصلا لوزارة إصلاح الإدارة و الوظيفة العمومية...
آسف سيدتي لم يكن مرورك موفقا في برنامج إذاعي -يحكى والله أعلم- أنه يهتم بالجالية( تهاني و أماني..).. لأنك سيدتي لم تقولي لمغاربة العالم شيئا جديدا..و لم تكوني مقنعة..لأنك بالفعل كنت ضيفة على البرنامج ، كما انك ضيفة فقط إلى حين في وزارة بملفات قوية ومهمة...
مع ملاحظة إننا في التجمع الديمقراطي للجمعيات المغربية بايطاليا، كنا أول من استدعى نزهة الوافي بصفتها "برلمانية باللائحة " سنة 2009 للحديث عن المشاركة السياسية للجالية، أي أننا نعرفها أيضا منذ عشرة سنوات...وهو ما جعلنا نعيد ما قلناه ومنذ عشرات السنوات ، بأن وزارة الهجرة يجب أن تكون سيادية و بعيدة عن الانتماءات الحزبية أو الولاءات السياسية....لأن حزب مغاربة العالم هو حزب المغرب...