العطري يحاضر عن بعد: أزمة "كورونا تعد مختبرا حقيقيا يؤسس ويبني ذواتنا من جديد

العطري يحاضر عن بعد: أزمة "كورونا تعد مختبرا حقيقيا يؤسس ويبني ذواتنا من جديد الدكتور عبد الرحيم العطري،وأيمن فردوس وسهيل الفطاح (يسارا)
"الدكتور عبد الرحيم العطري رائد مدرسة القلق الفكري وفهم المعنى وتبني السؤال الحارق، في مداخلة جعلتنا نكسر الحصار "الكوروني" ونجتمع في فضاء "السلطة السابعة" بتعبير العطري، أركبتنا قطار المعرفة وسافرت بنا في رحلة أجبرتنا على مساءلة ذواتنا، وانتقلت بنا في حقل معرفي سوسيولوجي متجاوزين حقل الزمان والمكان، لنفكر ونتحاور ونناقش، لا سبيل نحو التقدم إلا بتطوير ثنائية الدولة والمجتمع، ثنائية الإنسان والمواطن والاستثمار في تأهيل الرأسمال البشري وصناعة الإنسان".
بهذه الفقرة الباسمة والمشرقة بكلماتها المفعة بالحياة وقيم المواطنة عبرت في تصريحها لجريدة "أنفاس بريس" إدارة الجامعة الرابيعية (أيمن اليوسفي فردوس ـ سهيل الفطاح) التي أقامها ثلة من شباب المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف، عن اللحظة المائزة التي كانت مناسبة لافتتاح الدرس السوسيولوجي لذات الجامعة الربيعية مع الأستاذ عبد الرحيم العطري مساء يوم الثلاثاء 7 أبريل 2020 .
المشروع الطموح غير المسبوق لشباب المرصد المرتبط بإقامة جامعة ربيعية عن بعد في زمن جائحة كورونا يرمي حسبهم " من جهة إلى بعث الأمل في مستقبل أفضل عن طريق الكلمة العابرة للكون لرفع الحجر عن العقول، ويرمي من جهة أخرى إلى جعل التكوين المستمر حلا استراتيجيا لتدبير الأزمات" وهذا هو الهدف الذي رسمته الجامعة لنفسها والشعار الذي سطرته عندما قرر شباب المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف المساهمة وخوض التجربة /المغامرة.
في هذا السياق افتتح دورة اليوم الثاني من الجامعة الربيعية عن بعد الباحث السوسيولوجي عبد الرحيم العطري أستاذ ورائد السوسيولوجيا والانثربولوجيا بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس، الذي تفوق في تشييد بث مباشر يدعم ما عبر عنه شباب المرصد بالتكوين المستمر عن بعد وتمكنه من استشراف محاضرة تحت عنوان "المجتمع المغربي وجائحة كورونا" والتي بذل فيها المحاضر مجهودا كبيرا لإيصال مجموعة من الملاحظات الأولية القيمة على امتداد ساعة من الزمن.
انطلق عبد الرحيم العطري من أرضية ثلاث محطات تشكل بالنسبة له كباحث متخصص في السوسيولوجيا قاسما مشتركا في الانشغال بالموضوع الذي ربطه بنوازل مشابهة في الماضي لقراءة جائحة رهن حاضرنا واستشراف المستقبل ما بعد كورونا.
محاضرة الباحث السوسيولوجي العطري سافرت بالمتلقي الافتراضي عن بعد "في رحلة هادئة ومريحة بين الهنا والهناك وحمل الفكر للتأمل في المجتمع المحلي وتكييف العالم الذي ننتمي إليه مع تلك الثلاثية وكيف أثرت في مساراته "
وحلل المحاضر في مداخلته القيمة وهو يتحدث عن وباء جائحة كورونا وعلاقتها بالوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والنفسي " المحنة التي نجتازها اليوم بمنحة تعيدنا إلى ذواتنا وآهالينا، وتدعونا إلى إعادة النظر في يقينياتنا وترجع البشرية لتعي أن الحياة قطار ركوبه ضرورة لا محيد عنها ونحن مسلحين بالضروري والأساسي والبسيط ..."
وحسب تفكيكه للوضع قبل كورونا قال: " فهو لم يكن أكثر من طريق نحو الهاوية بل منتهى ما يعنيه أنه مجمل الصفقات السياسية الخسيسة وحروب ضد التعليم والصحة وتحطيم القدرة الشرائية في ظل الحفاظ على التوازنات الماكروـ اقتصادية، وقد كانت هذه المرحلة ذات جذور استهلاكية بحتة بعضها خلف من سردية الوهم ، عبر تسويق التفاهة والبلاهة والبعض الآخر نابع عن سردية الهول والهلع والترعيب والتلويح بالحروب محليا ودوليا، ولا شك أن ذلك ليس إلا خدمة للرأسمالية والتحريض على الاستثمار والاستهلاك في ذات الآن." يقول الأستاذ العطري.
أما بخصوص ران واقع الحال في زمن كورونا فقد شدد على أنه قد " فرض منعطف اليوم (كورونا) إسقاط إعلان السيطرة الكوكبية بل إن الجديد يتجلى في حالة وجود العالم في محجر صحي كبير محروما فرضا لا اختيارا من ممارسة أبسط الأنشطة الاعتيادية اليومية ويعيده إلى دهشة البدايات."
طبعا فإن "كورونا" كما وصفها عبد الرحيم العطري لشباب الجامعة الربيعية عن بعد تعتبر اليوم "محرارا اجتماعيا من حيث حيلتنا التي نحصدها مما زرعناه أمس، ومختبرا حقيقي يؤسس ذواتنا من جديد" حيث أوضح ذلك بمثاله عن "الجشع الذي عاشه الشعب المغربي حول الكمامات الطبية هذه الأيام "بعد أجرأة تفعيل قرار وضعها كقناع واق من طرف الحكومة.
وركز المحاضر في درسه الافتتاحي للجامعة الربيعية عن بعد التي نظمها شباب المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف (ركز) في موضوع تدبير الجائحة محليا وجهويا ومركزيا على ضرورة "انغماس الشباب في لهيب ما هو قادم.. يجدر به أن يدفع بالإصلاح والوحدة كما دفع بالتطور في الوعي والاستيعاب والانخراط في القضايا الراهنة بمقدرة و َدراية والإحاطة بها كما هي لا كما ينظر إليها".
وكان المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف حريصا على الانخراط في هذه الظرفية التي يمر منها العالم والمغرب أيضا حيث عمل ومنذ بداية الأزمة على " إطلاق مبادرات مواطنة تنم عن وعيه بنشر قيم المواطنة والتطوع والتكافل لمجابهة هده المحنة "
وعمل شباب المرصد على إطلاق "عملية التوعية والتحسيس بمخاطر كورونا، فضلا عن حملة التضامن مع الطبقات المتضررة اجتماعيا جراء الحجر الصحي بالإضافة إلى إشراف شبابه على إقامة منصات تواصل عن بعد للنقاش في القضايا الراهنة توجت بتنظيم أول جامعة ربيعية عن بعد لفائدة الشباب بمشاركة وتأطير نخبة من المفكرين والباحثين والإعلاميين والجمعويين "هدفها الانتصار على زمن "القهر الكوروني" وجعل الشباب يشحذ الهمم لبناء مغرب جديد تعاد فيه صياغة الأولويات وتنتفي وتختفي فيه كل التفاهات.