عبد الغني السلماني: تأجيل العطلة بين الاحتراز والارتجال

عبد الغني السلماني: تأجيل العطلة بين الاحتراز والارتجال عبد الغني السلماني

أعلنت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، مساء يوم الأحد 29 مارس 2020، عن تأجيل العطلة الربيعية بالنسبة لجميع الأسلاك الدراسية التابعة لقطاعات التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، علما أن القرار كان من المفروض أن يتخذ ليلة الجمعة أو صباح يوم السبت على أبعد تقدير. لكن أن يكون الإعلان مساء يوم الأحد، فذلك ما يمكن اعتباره ارتجالا في الإعلان والتوقيت.

 

السياق

وإذا كانت الوزارة الوصية اعتبرت ذلك يدخل في إطار التدابير الاحترازية التي اتخذتها بلادنا من أجل الحد من وباء كورونا (كوفيد-19)، وتفاديا للآثار السلبية التي قد يسببها أي توقف في التحصيل الدراسي والعلمي الذي يتم حاليا من خلال "التعليم عن بعد". وعليه؛ "تقرر مواصلة التعليم والتكوين عن بعد، ولا سيما عبر بث الدروس المصورة عبر القنوات التلفزية وكذا توفير المضامين الرقمية وإمكانية تنظيم أقسام افتراضية عبر مختلف المنصات الإلكترونية دون توقف".

 

ماذا بعد قرار التأجيل

الوزارة الوصية لم تأخذ رأي الأساتذة ولا ممثليهم في النقابات الأكثر تمثيلية، بل اتخذت قرارا فوقيا أحاديا، لم يأخذ في عين الاعتبار نفسية الأستاذ وجاهزيته لتقديم الدروس صبيحة يوم الاثنين، وخاصة أن أغلبية الأساتذة بذلوا مجهودات جمة بإمكانية ذاتية لم تمكنهم الوزارة الوصية من التأهيل والتكوين اللازمين، علما أن وجود  منصة إلكترونية يتطلب ارتباط جميع التلاميذ بشبكات الأنترنت، وتوفرهم على حواسب وهواتف ذكية  في المنازل، وهو ما لا يتوفر لجميع التلاميذ وخاصة تلاميذ العالم القروي، الذي لا يتوفر على شبكات للأنترنت بجودة عالية، وهذا ما أربك التعلم عن بعد، فالتجارب الناجحة كانت فردية لأساتذة أبدعوا بقدراتهم الخاصة ولم يكن تعلما مؤسساتيا بضوابط وقواعد مرجعية.

في اللحظة التي كان الجميع يريد استرجاع الأنفاس نزل قرار الوزارة الوصية بتمديد الدراسة دون الأخذ بعين الاعتبار وضع الأساتذة والتلاميذ والطلبة جميعا.

ذلك من الأدوار والمهام التي تتطلبها مدرسة الألفية الثالثة حرص الوزارة الوصية على تأمين الزمن المدرسي للمتعلم وحمايته عن طريق غرس الثقة والمحبة والتضامن. المتعلم حلقة أساسية في العملية التعلمية يجب إشراكه في كل القرارات، حتى يتمكن من الدفاع عن المؤسسة التي ينتمي إليها والانخراط في كل ما من شأنه أن يلمع صورتها ويرفع من قيمة عطاءاتها وخدماتها. لأن النجاح والتطور عملية جدلية يساهم فيها المُعلم والمتعلِم والأسرة المغربية جمعاء، بكون المدرسة المغربية جزء لا يتجزأ من المجتمع وتنميته.

 

جائحة كورونا ونفسية التعلم

ربما في مرحلة جائحة كورونا أصبح لزاما علينا تقدير العلم والمعرفة وبناء مستقبل الأجيال القادمة، وبأن مكانتنا الخاصة في الكون؛ لن تكون إلى بالانخراط الواعي والفاعل مع كل التحولات والمساهمة قدر المستطاع في إنقاذ الإنسانية، وهذا لن يتم إلا عن طريق المعرفة، والوضوح العقلي، والتملك بالقدرات العليا على التفكير.

لقد أثار "فيروس كورونا"، ولا يزال، صدمة وعي كبرى وشعورا لدى الإنسان بالانتماء الواحد إلى المملكة الإنسانية المفتوحة، وبأن هاجس الخوف والتوجس أصبح مُعَوْلَما. والإنسان أصبح يُدرك أن وجوده مهدد بمخاطر كثيرة لا حصر لها، إنه السياق الذي يقدم فيه الأستاذ دروسه عن بعد أمام تلاميذ يتملكهم الخوف والقلق والحرمان من اللعب، نتيجة الحظر الصحي المفروض على كل المواطنين، لكن الوزارة الوصية  لم تأخذ بالحسبان هذه الترتيبات الصغرى في توقيت البلاغ.