حسن برما: كورونا وخفافيش استثمار الجائحة

حسن برما: كورونا وخفافيش استثمار الجائحة حسن برما
فوق هذه الأرض ما يستحق الحياة.
ونحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا.
(الشاعر الراحل محمود درويش)
وطلع رؤساء أعتى الديمقراطيات الغربية مجرد عملاء مقيتين لخدمة أطماع الرأسمالية الدموية، بكل قسوة وبرودة أعصاب تسابقوا في الإفصاح عن جشعهم الخرافي وتناوبوا على تيئيس شعوبهم من جدوى محاربة الفيروس المصنّع " استعدوا لتوديع أحبتكم! " .. " لا يمكن فرض الحجر الصحي والتسبب في انهيار المكتسبات الاقتصادية " .. " لا تخافوا فالفيروس لا يقتل سوى المسنين! " .. " العلاج لا يمكن أن يكون أكثر ثمنا من المرض نفسه " .
بهذه اللامبالاة المتوحشة والوقاحة البشعة يتكلم حكام امتصاص ما تبقى من دماء البشرية، فأية حضارة مجرمة هاته التي تطلب من المسنين التضحية والموت بكورونا حتي لا يتضرر اقتصاد الكائنات المفترسة؟
ومن الماء إلى الماء، في ظل قرار إغلاق المساجد مؤقتا تفاديا لتفاقم تداعيات كورونا القاتلة، وبسبب التخوف من خسارة الحوريات والغلمان، والخوف من الخروج من أوهام الموتى العاجزين عن كشف الحقيقة المرة، تتخذ الغربان قرار جعل بعض البيوت أماكن للصلاة الأسبوعية جماعة، والإلقاء بالنفس إلى التهلكة .. ومن شب على شئ يعجز عن استشراف طوق النجاة.
وللمفارقة، جائحة كورونا قتلت لحد الساعة عشرات الأطباء وهم في مواجهة فيروس لا يفرق بين غني أو فقير ، ولا بين ملتح حاقد أو برئ من التخندق في كهف الخفافيش المظلمة، الأطباء يدخلون معركة مواجهة الموت بشجاعة، وفقهاء الظلام يختبئون في جحورهم ويحرضون الأتباع على احتضان الفيروس بغباء مركب!
وأغرب ما وصلني من تمييع وتعتيم على الحقيقة المرة، فيديو يكشف حقيقة أناس قساة القلوب يخطبون فوق منابر خشبية ويصرخون أن كورونا ساهمت في إغلاق الحانات وأوكار الدعارة والمراقص وفرضت على النساء استعمال الحجاب ومنعت الاختلاط.
ولا أحد من بين القطيع المخدر نبهه إلى أن كورونا منعت الناس من الحج وأغلقت دور العبادة وفضحت انتهازية اللحى البشعة، لا أحد نبه مدمن الصراخ والنهيق إلى أن الفيروس لا يأبه بحجاب مستورد من أتباع اليهودية، ولا يهتم بمسألة الاختلاط أو الفصل بين الجنسين، فالنساء والرجال عنده سواء .
لا أحد امتلك شجاعة تسفيه كذب الخطيب ، ومقابل لغطه المقزز استسلموا لنوبات البكاء الهيستيرية تحت تأثير صدى مكبرات صوت تزيد في تأثير أدعية السجع البليد المحفوظ عن ظهر قبر وليس قلب.
وبعد زوال الغمة ستعود خفافيش الظلام لتلويث الحياة بخزعبلاتها الحاقدة .. تصرخ بأن الإنسانية في حاجة دائمة لسماسرة الغيب والخرافة بدعم من انتهازيين جبناء يقتاتون من فقه الموت والنكاح ومواصلة تكريس هلوسات المرضي بداء تنغيص الحياة حفاظا على وجودهم الموبوء والاستمتاع بامتيازات قائمة على التهديد والوعيد والتكفير والتسفيه والكذب المزمن وادعاء أن البشرية محتاجة لفقهاء الوهم والتضليل وعلماء تخوير الميت.
قرون طويلة من الأدعية المسجوعة بغباء وبلادة ، فلا السجع توقف ولا الإنسانية استفادت من لغو معتوه كاره للعقل الفضاح لانتهازية الكلام المحفوظ في ذاكرة موتى الإرادة وبوم الجنائز مدمني المناحات واستثمار لحظات ضعف الإنسانية.