وقد افتتح الأستاذ المحاضر مداخلته بالتأكيد على التحولات المتنوعة التي يعيشها العالم والتي يمكن وصفها بالطفرات المتسمة بالتعقد والتركيب، إلا أن هذه التحولات/الطفرات يقابلها فقر في المناهج والمقاربات، لذلك أكد بأن طرح مثل هذا السؤال يعد مغامرة منهجية ومعرفية، الأمر الذي يستدعي تفعيل ما يسميه بـ"التفاكر"؛ أي التفكير بصيغة الجمع؛ سواء على المستوى الأفقي باستدعاء كل التخصصات والمقاربات الممكنة، أو على المستوى العمودي باستدعاء المعارف الإنسانية والتجارب والخبرات التي تراكمت عبر التاريخ.
وأضاف أن الموضوع يستلزم التوقف عند بعض الإشكالات الكبرى، منها: هل للعالم وجود موضوعي؟ وهل يوجد العالم لذاته؟ وهل يمكن للإنسان تحديد ملامح هذا العالم وامتداداته؟ وكيف أثر التطور المعرفي في الوعي الإنساني؟ وما علاقة هذا الوعي بالعالم؟ تستدعي هذه الإشكالات النظر في مجموعة من المجالات التي أثرت بشكل مركزي في صناعة ملامح العالم المعاصر؛ منها: العلم والتقنية، السياسة والمال، الدين والثقافة.
بعد ذلك أعطيت الكلمة لعبد الرحمان الزكريتي للتعقيب على مداخلة الأستاذ المحاضر، حيث تساءل حول ما اذا كان العالم موحدا أم مجزءا؟ وموقع الإنسان في هذا العالم؟ وعلاقة الإنسان بالطبيعة هل هو جزء منها أو خارج عنها؟
مؤكدا على ضرورة التمييز بين العالم المبني والعالم المعطى، وأن أي محاولة لفهم العالم لا يمكن اعتبارها حقيقة مطلقة، بل هي حقيقة نسبية قابلة للنقاش والنقد.
وشهد هذا اللقاء العلمي حضورا مهما، تفاعل بالنقاش مع إشكالية الموضوع، قبل أن يسدل الستار على هذه التظاهرة الفكرية بتسليم شواهد تقديرية للمشاركين.