الدارالبيضاء..«كاليفورنيا كولف» بالمدينة الخضراء.. «يا المزوق من برا اش خبارك من الداخل؟!»

الدارالبيضاء..«كاليفورنيا كولف» بالمدينة الخضراء..  «يا المزوق من برا اش خبارك من الداخل؟!» مشهد من المجموعة السكنية «كاليفورنيا كولف»
«المزوق من برا اش خبارك من الداخل؟»، مهما كان سبب نزول هذا المثل الشعبي، فإنه ينطبق بالتمام والكمال على المجموعة السكنية «كاليفورنيا كولف»، بتراب جماعة بوسكورة بتراب عمالة النواصر (ولاية البيضاء)، وبالضبط ضمن ما أطلق عليه «المدينة الخضراء»، التي اضحت مدينة رمادية بالنظر لما يشوب فضاءها الجوي والأرضي من تلوث للبيئة..
بحكم عمله إطارا عاليا في شركة متعددة الجنسيات، وفر المامون «48 سنة»، قدرا مهما من المال، ضمه لمبلغ لا بأس به تحصله مما ورثه عن والده، اقتنى فيلا ضمن مشروع المدينة الخضراء المجاورة لغابة بوسكورة بالبيضاء، كان ذلك سنة 2017، ورغم ان التسليم لم يتم في الحين، حيث ظل ينتظر لاكثر من سنة ونصف، وهو ما سبب له تعثرا في حياته، بعد ان باع شقته بعين السبع بالعاصمة الاقتصادية، إلا انه كان يمني النفس لاقتناء فيلا، اطلع عليها عبر «الماكيط»، والصور ثلاثية الأبعاد، فأعجب بها، خصوصا وانه رأى تجارب سكنية في اوربا تحمل نفس الاسم، ولها مقومات العيش الأيكولوجي الجيد..
كل هذه الأحلام انهارت خلال الأشهر الأولى من سكن المامون وأسرته. فوسط المئات من الفيلات والشقق، اضمحلت المساحات الخضراء إلا أمتار قليلة تحيط بجنبات الفيلات او على مداخل العمارات، فيما الولوج لفضاء الغولف يتطلب انخراطا باهظ الثمن، ولا فرق في المنخرط الذي يقطن ب «المدينة الخضراء» ببوسكورة أو القاطن بالقرب من إقامة «الحديقة الخضراء» بسيدي مومن..
معاناة المامون واستياؤه من تردي البناء والتجهيز داخل فيلته ليس حالة خاصة، بل هي حالة عامة وقفت عليها «الوطن الآن» في زيارة تفقدية لعدد من المساكن من بينها شقق في نفس المشروع السكني، وهو ما جعل موجة الاستياء العارم في صفوف الساكنة التي وجدت نفسها في ورطة من امرها، بل وصف أحدهم الأمر بأنه تلاعب بهم، جعلهم يخوضون عددا من الأشكال الاحتجاجية من بينها تعليق لافتات للبيع بشكل جماعي على واجهات مساكنهم، لتنبيه المقتنين الجدد بضرورة توخي الحذر، وعدم تكرار أخطائهم.
لم يتمكن المامون الذي كان رفقة جاره عبد الحق من الجلوس بشكل مستمر معنا، حيث كانت الأشغال على قدم وساق داخل فيلته: الكهربائي والنجار والبستاني، كل مستخدم كان يشتغل بمعية مساعده على إصلاح العيوب التي لم تمر سنة على سكن المامون حتى ظهرت بشكل بارز، «كان هناك خلل في أنظمة التهوية، فبالإضافة إلى الصوت المزعج الذي كانت تسببه داخل الفيلا خصوصا في الفترة الليلية، كانت تنبعث روائح كريهة من بعض الفوهات، ليتبين فيما بعد انها روائح المرحاض، بعد ان تم خلط قنوات التهوية، أما بالنسبة للدولاب الخاص بالملابس، فكانت موضوعة بشكل غريب في كل الغرف، ومع استعمالها المتكرر بدأت تميل نحو الأمام، وهو ما كاد يسبب لأسرتي في فاجعة خطيرة، وتبين أنه عوض رصها بالأسمنت المقوى تم استعمال الجبص، أما مقابض الأبواب والنوافذ، فقد غيرتها كلها، من الباب الرئيسي إلى أبواب الغرف»، يقول المامون، مضيفا، «الخطير هو العيوب التي اكتشفتها في المسبح ومحيطه، حيث كان مستوى الماء ينزل بشكل ملحوظ، وبعد المعاينة تبين ان هناك شقوقا يتسرب منها الماء نحو أساسيات الفيلا!
الغش كان هو المصطلح الأكثر تداولا بين ساكنة مجموعة «كاليفورنيا كولف»، وهو الجامع بينهم بدرجات مختلفة مما جعل شكاياتهم تتكرر لدى المنعش العقاري صاحب التجمع السكني، حالات غش كادت في بعض الأحيان تسبب عاهات لبعض الساكنة جراء سقوط بعض قطع الرخام التي لم تكن مثبتة بشكل جيد على واجهات العمارات، وهو ما جعلهم ينتظمون في هيئة جمعوية تدافع عن حقوقهم، خصوصا وأن مبالغ «السانديك»، كانت مرتفعة مقابل خدمات متردية.
وأبرز المشاكل التي يعانيها الساكنة، هي إشكالية الملكية المشتركة. فإلى جانب العيوب التي ظهرت على واجهات العمارات هناك إشكالية البنية التحتية داخل الفضاء السكني، والتي تتقاذفها جهتي صاحب المشروع الذي تنصل من مهمته ومصالح البلدية التي تعتبر ان المجمع السكني مغلق وكل إصلاح وتهيئة له هي مسؤولية قاطنيه شركة السانديك، وهو ما انعكس سلبا في العلاقة مع شركة السانديك التابع لشركة النخيل للتنمية.
فبالنسبة للخدمة ما بعد البيع، صرح ممثلو الجهة العقارية صاحبة المشروع بأنها أنشات ورشات لإصلاح العيوب وتتواصل بشكل دائم مع الساكنة من أجل استقبال الشكايات وتحسين جودة الخدمات ما بعد البيع، وإصلاح الأضرار في أسرع الأوقات.
اما بالنسبة لشركة السانديك، فإن مطالب الساكنة تتلخص في ضرورة استقلالها عن صاحب المشروع، وتسييرها بشكل شفاف وواضح، حيث افاد عدد من الساكنة في لقاء مع «الوطن الآن»، انهم يقومون بدفع الواجبات السنوية الباهضة دون الوقوف على جودة الخدمات المقدمة، مشددين على ضرورة احترام قانون الملكية المشتركة في احترام تام للمساحات المشتركة، ويدفع صاحب المشروع العقاري بأن دفتر الملكية المشتركة يبقى مؤقتا مادامت لم تسلم جميع الأشطر المشروعة، على ان يتم وضع دفتر الملكية المشتركة النهائي بعد الانتهاء الكلي للمشروع، دفع يعتبره الساكنة تغريرا بهم، إذ لايعقل ان تظل الأمور بهذا الشكل، حيث يقوم المسؤول العقاري يستغل كل مساحة من اجل إنجاز اشطر اخرى، والحال انها اشطر مخصصة لفضاءات خضراء.
وبغض النظر عن العيوب التي ظهرت في البناء الداخلي للفيلات والشقق، فإن الخطر يتهدد ساكنة هذا المشروع، وخصوصا الاطفال والعجزة، حيث وفي شكل معيب، تم تجهيز مداخل السيارات بشكل يجعل المرور على الأرصفة قد يسبب في حوادث سير، ويحكي عدد من الساكنة وقوع حوادث سقوط بعض المارة لعدم انتباههم بمنحدرات الرصيف التي تتجاوز احيانا المتر الواحد.
نغادر المدينة الخضراء بعد مغرب الشمس، وروائح معالجة المياه العادمة تزكم الأنوف، وهو مشكل يومي يسبب لساكنة المدينة أمراضا تنفسية يجعل من حظر التجول بعد مغرب الشمس الحل الامثل لتجنب استنشاق هذه الروائح. 
فعن أي مدينة خضراء نتحدث واستهلاكها للماء الشروب في سقي محيط الغولف، يحطم الرقم القياسي في الاستهلاك؟