لزرق: لعبة "البيجيدي" بين منطقي البراغماتية والإيديولوجيا الدوغمائية

لزرق: لعبة "البيجيدي" بين منطقي البراغماتية والإيديولوجيا الدوغمائية رشيد لزرق
وزير العدل محمد بنعبد القادر، اعتاد سياسة الأيادي المرتعشة، أظهرها إبان إشرافه على وزارة إصلاح الإدارة من خلال قراراته المرتبكة، التي يحكمها خوفه الشديد، من مغادرته الحكومة لكونه بدون سند علمي ولا كفاءة تدبيرية ولا قوة سياسية مما أعطى الفرصة لمصطفى الرميد لاستعراض عضلاته وممارسة وصايته على وزارة العدل في حملة ابتدأت في التشكيك في استقلالية القضاء ومحاولة ابتزازه والتأثير في قرارات الحكومة.
صحيح أن الأحزاب المشاركة في الحكومة تمثل مشروعا مدنيا لا يلتقي مع مشروع العدالة والتنمية في الإسلام السياسي.
والرميد يحاول تصدير التناقض للحكومة بغية التغطية على الانقسام التنظيمي الذي يعرفه بيته الداخلي بإذكاء الصراعات بينه و بين وزير ضعيف سياسيا ومحدود تدبيريا.
في ظل مناخ سياسي يثير قلقا كبيرا، وهناك تساؤلات جادة تطرح حول ما جرى فمحاولة العدالة و التنمية جعل من نفسها ضحية سياسية لدى الرأي العام. و تعطيلها من قبل حلفاءها في الحكومة في مطلب شعبي المتمثل في إسقاط الفساد ، في وقت كان ينتظر منها الوضوح السياسي الذي يقتضي توافق بين الأحزاب المشكله للحكومة، والمتنافرة فيما بينها؛ المشغولة بالاستفادة من الغنائم الحكومية والاستحقاقات القادمة.
من جهة أخرى، اعتقد أن حزب العدالة والتنمية نجح في التحكم في انتخابات الأصالة و المعاصرة من خلال صعود عبد اللطيف وهبي الذي سيعمل على خلط الأوراق داخل أحزاب المحسوبة على الصف الحداثي بشكل سيقلص من حظوظ احتلالها المرتبة الأولى التي تخولها لتشكيل الحكومة؛ كما تفقد ثقة الشارع المغربي بهم.
لهذا فان العدالة والتنمية تحاول إظهار أنه يتبنى منطق البراغماتي ويبتعد عن منطق الإديولوجيا الدوغمائية، ولعل هذا ما يطرح السؤال هل الريسوني انقلب على الهوية و فتواه الأخيرة بداية التحضير لتمايز بين الدعوى والسياسي أم أن الأمر لا يخرج عن التكتيك السياسي يظهر الانخراط في منطق الديمقراطي ودولة المواطنة التي تتسع الجميع.
إن حركة التوحيد والإصلاح. بفعل الانحصار الدولي باتت تحاول إظهار اعتدالها وفق صيغة تقنع الخارج بكونها معتدلة بصرف النظر عن كونها تتطابق مع هويتهم.
وخرجة الوزير بوليف هي اتجاه في سير في نهج أصيل في تبادل الأدوار كما كانت له فرصة لاحتجاج على إقصاءه من طرف العثماني من الوزارة.
وإذا بقي الانحسار الدولي فان من المتوقع أن سياسة التنازلات ستستمر، وفي جميع الظروف لن تأتي من طرف أعضاء الحكومة، بل من شيوخ التوحيد والإصلاح، و لعل ما يفعله مصطفى الرميد وزير حقوق الإنسان، حول الإثراء غير مشروع ليس سوى مناورة سياسية جديدة، وورقة تفاوضية ستُطرح خلال المشاورات مع الأحزاب يريد من خلالها الرميد منع طرق موضوع الحريات الفردية وعدم المواجهة مع شيوخ السلفية.
وكسب الوقت لتوحيد والإصلاح إلى أن تظهر التمايز بينها وبين العدالة والتنمية.
فنمد وصولهم للحكومة يتجنبون الدخول في معركة هوياتية واظهار حس برغماتي، لهذا كلنا يتذكر كيف استعانوا بشيوخ التوحيد والإصلاح في منع بنكيران من الولاية الثالثة.
وتزعم الإطاحة به محند الريسوني تحت مبرر الديمقراطية التي استفادوا منها وأوصلتهم للحكومة، ولا يردون بأي شكل من الأشكال الدخول في مواجهة هوياتية التي من الممكن أن تكون غير مضمونة النتائج.

رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية