المنوزي: أي نموذج  للحكم لتفادي مخاطر ما بعد الدولة 

المنوزي: أي نموذج  للحكم لتفادي مخاطر ما بعد الدولة  مصطفى المنوزي
يوم أمس تفاعلت  الجمعيات الاجتماعية مع دعوة مجلس المستشارين بخصوص موضوع العدالة الاجتماعية، وهذا الصباح كان المجتمع المدني في ضيافة مجلس النواب حول ادواره، وبالموازاة  استقبلت لجنة بنموسى الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، والحكومة المغربية في جنيف لبسط تقريرها حول وضعية حقوق الانسان؛ كل هذا جميل، النقاش العمومي في أوج لحظته الديموقراطية ؛ ولكن  القضايا  السياسية السيادية والحقوقية المصيرية  التي ترهن  الوطن، تاريخه  ومستقبله، من يناقشها، مثلا  شأن  الدولة  في شخص  أعلى سلطة في البلاد وعقلها  الاستراتيجي، سيظل خارج جدول الاعمال الوطني، بعد انحسار دور الوساطة والاستشارة وتهميش الدور الدستوري للعمل الحزبي، وهو شأن  لن تنفع فيه قواعد  اللعبة السياسية ببعدها الانتخابي، ولا أدوار  الوساطة  الانتهازية المهترئة، ولا مخططات التأجيل، ولا التسويات الفوقية أو  بوكالة  ؛ صحيح أن الشرعية التاريخية لم تعد ناجعة.
لكن لا يمكن الاستغناء عنها دون تجديد  التعاقد  على أساس جيل جديد من الإصلاحات  المؤسساتية  ، في مجالات  الأمن  القضائي والحكامة الأمنية والأمن الروحي، وهي  مجالات  لا زالت التمثلات المحافظة تعبترها فوق مشروعية القانون  والمؤسسات  الدستورية ، أي غير خاضعة للرقابة والمحاسبة، لذلك  يصعب التباهي  بإنجاز  ما  كله مفارقات ، فمصير الديموقراطية المؤجلة  مرتبط  بمصير  الدولة، الذي يتجاوز ويستغرق مصير الحكومة، مما يدفعنا الى طرح سؤال تجديد الادوار  وتعديل جوهر دسترها ، وهو تمرين  ينبغي ألا يطول أو يؤجل .
من هنا تجدر الإشارة إلى أن  إحدى عوامل فشل العملية السياسية التي رافقت العهد الجديد  ، خلال العقدين الجاريين،  وجود خلل في التواصل ، ربما لأن من يدعون حبهم لرئيس الدولة لا يصارحونه بالحقيقة، او ان المعطيات  تصل بالدقة المتناهية  ، وفي تقدير العقل الأمني  الظرفية غير مناسبة للمكاشفة وبالأحرى المساءلة، وفي كلتي الحالتين، يعيش الجميع حالة ترقب وانتظار، للأسف خارج  قاعة الانتظار  " المؤسساتية "، وهو السبب الذي يجعل الكثير من المحللين ينذرون بمخاطر  زمن " ما بعد الدولة "، لذلك حرصنا أن نمتهن باصرار ، تكرار التذكير بسؤال " أي دولة نريد ؟ ".
في سياق بلورة بديل مقبول وممكن، أي استكمال  ترسيخ مطلب الديموقراطية وحقوق الإنسان ،وكان أملي، وما زال، أن تهتم مبادرة الجبهة المدنية ببعد سياسي  (غير حزبي ) بطبيعة الدولة ومشروعية علاقتها  بطبقات المجتمع  وشرائحه، وتبلور  مشاريع لتجاوز التوتر والتردد الحاصلين في أفق الدمقرطة ، ما دامت الجبهة  الاجتماعية، التي تقودها بعض الأحزاب اليسارية،  اختارت مبدئيا ، تجريب  البعد الاجتماعي كمحاولة  لاستدراك  اختلالات  العمل الجماهيري وما فاتها  من حضور في الفضاء العمومي  المفتوح  .
مصطفى المنوزي ،رئيس المركز المغربي للديموقرطية والأمن