بشرى لنا: مطار عبد الله بوانو الدولي!!

بشرى لنا: مطار عبد الله بوانو الدولي!! عبد الرحيم أريري

"الفول كيعطيه الله غير للي ماعندو ضراس".

هذا المثل ينطبق بامتياز على القيادي الأصولي عبد الله بوانو، عمدة مكناس. فهو (أي بوانو) محظوظ لأن الظروف قادته ليتولى تدبير إحدى أهم المدن التاريخية بالمغرب، والتي لم تعد ملكا للمغاربة فقط، بحكم أن مكناس تصنف إرثا مشتركا للبشرية، بفضل الكنوز والتركة العمرانية التاريخية المشرقة التي خلفها لنا أسلافنا. وبدل أن يستغل بوانو تحكم حزبه في البلدية وفي البرلمان وفي الحكومة لكي يتم رد الاعتبار لمكناس وإنصافها وتأهيلها من جهة، وتحويلها إلى مضخة لإنتاج الثروة لتكون قطب جذب من جهة ثانية، ابتكر بوانو بدعة جديدة عبر تقديم طلب للسلطات المركزية لتغيير اسم مطار فاس سايس ليصبح اسمه مطار فاس مكناس! وعلل العمدة بوانو طلبه بكون الاسم الجديد سيجلب الاستثمارات ويفتح شهية سياح العالم للتدفق فرادى وجماعات على عاصمة مولاي إسماعيل!

 

في لغتنا الشعبية نسمي خرجة بوانو المجنونة والبليدة بـ "الطنز العكري".

لماذا؟

لأن مكناس ترقد فوق منجم من ذهب لم يحسن العمدة بوانو وإخوانه الأصوليين استغلاله، مثلما لم يحسن الولاة والعمال الذين تعاقبوا على تدبير مكناس توظيفه بما يحدث طفرة ليس في حياة المكناسيين فحسب، بل وفي مسار المغرب ككل. وها هي أدلتنا على ذلك:

 

أولا: تعد مكناس وأحوازها بمثابة سلة المغرب (grenier du maroc)، واختيارها لتكون الحاضنة للمعرض الفلاحي لم يكن من باب العبث. وبالتالي كان على بوانو وصحبه الترافع من أجل إخراج المشاريع "الراكدة" المتعلقة بتطوير الصناعات الغذائية وتحويل المنتجات الفلاحية بمكناس. وكان على بوانو وصحبه التململ لنفض الغبار عن مشروع إخراج المعاهد الجامعية ومراكز البحث للوجود المفروض أن تنجز بمكناس (أي المعاهد والمراكز) لترافق هذه الدينامية الفلاحية بما يسمح للمغرب من خلق قيمة مضافة من جهة، ورفع حجم صادراته من جهة ثانية، وتقليص اعتماده على الخارج في الأمن الغذائي من جهة ثالثة، وترسيخ أقدام المغرب (ولو جنينيا) في محيط الابتكار والبحث العلمي الزراعي من جهة رابعة، خاصة وأن المغرب هو أول مصدر عالمي للفوسفاط، وبالتالي للأسمدة وللبذور، ومن الأولى أن تنهض صناعة تحويلية فلاحية وغذائية وبحث علمي عندنا بدل أن نبقى مرتهنين للخارج. ولا توجد مدينة بالمغرب مؤهلة لقيادة هذا الورش سوى مكناس.

 

ثانيا: العقار العسكري الهائل الذي يوجد بمكناس والموروث منذ الحقبة الاستعمارية يعد "هبة إلهية" منحها الله لمكناس. إذ هناك حوالي ألف هكتار كعقار عسكري جامد في قلب مكناس. وإذا كانت الحقبة الاستعمارية تفرض الاحتفاظ آنذاك بذاك الكم الهائل من الثكنات بالنظر إلى شراسة المقاومة التي واجهها الاستعمار الفرنسي مع قبائل الأطلس، فإن الوضع الآن في عهد الاستقلال، يفرض على العمدة بوانو وصحبه أن يتأبط ملف العقار العسكري وينجز مخططا جديا للتجديد الحضري بقلب الحاضرة الإسماعيلية ويطرق أبواب الدار الكبيرة في "دار المخزن" ملتمسا إعادة توظيف العقار العسكري (la reconverssion des sites militaires) عبر ترحيل الثكنات من وسط مكناس وتسخير تلك العقارات العسكرية في أكبر عملية تجديد عمراني بالمدينة. وهي عملية مربحة للطرفين: أي للجيش، الذي سيستفيد من عائد بيع مهم لعقاراته مما يمكنه من بناء ثكنات جديدة وعصرية. أما الطرف الثاني الرابح فهو مدينة مكناس التي سيتم تهوية مجالها التعميري والعمراني بجرعة هائلة من الأوكسيجين. ولنا في نموذج الدار البيضاء التي تفاوضت مع القوات المسلحة الملكية خير مثال، حيث تم ترحيل العديد من الثكنات العسكرية من وسط المدينة (مثال العنق وعين البرجة وخليج المسجد وغيرها) إلى ضاحية البيضاء، ووظف عقار الجيش في عمليات عمرانية واقتصادية شكلت رافعة جديدة بالبيضاء لا ينكرها إلا جاحد أو حاقد.

 

ثالثا: مكناس توجد بها إحدى أجمل الضفاف، ألا وهي هضبة بوفكرانla vallee de boufekrane، وهي في تقدير خبراء التهيئة والتخطيط الحضرية تعد أجمل من هضبة أبى رقراق. وبالتالي من شأن استيعاب العمدة بوانو وصحبه للقيمة العمرانية والتعميرية والسياحية لهضبة بوفكران (التي تفصل بين مكناس العتيقة ومكناس الجديدة)، أن يحول المنطقة إلى غابة من الرافعات les grues وما ترمز له من رواج ورخاء ودينامية حضرية واقتصادية، خاصة وأن ضفتي بوفكران توفر للعمدة وعاء عقاريا من 800 هكتار في قلب مكناس. وهو وعاء من شأن الانكباب على إعداد دراسة جدية ووازنة، أن يقلب ليس مكناس بل ويقلب المعادلة المجالية ككل بالمغرب.

 

هذه هي المداخل الحقيقة لتنمية مكناس المفروض في العمدة بوانو وصحبه أن يعبئوا الرأي العام المغربي حولها ويجعلوها مرافعة مدنية يتبناها كل مغربي.

 

وحين يرزقنا الله بعمدة من عيار ثقيل، فنحن كمغاربة على استعداد لنبني مطارا جديدا بمجاط ونسميه "مطار عبد الله بوانو الدولي!!".

 

يا سيدي كن غير راجل وتكون عندك فعلا الكبدة على البلاد والعباد!!