أحمد صبار: ما بعد فساد بعض الجماعات الترابية وأدوار السلطات الإقليمية...

أحمد صبار: ما بعد فساد بعض الجماعات الترابية وأدوار السلطات الإقليمية... أحمد صبار

أدليت بكلمة بمثابة تدخل، خلال فعاليات الحملة الوطنية للتحسيس بموضوع تنمية الطفولة المبكرة، الذي نظمته عمالة إقليم جرسيف، أواخر شهر أكتوبر من سنة 2019، بحضور عدد من رؤساء المصالح الخارجية للعمالة ورؤساء الجماعات الترابية المكونة لإقليم جرسيف أو من ينوب عنهم، ومجموعة من فعاليات المجتمع المدني. كلمة أثلجت صدر العديد من الحاضرين بعد أن أحسوا أنني عبرت عما بصدورهم، وأغضبت البعض بعد أن اعتبروا جرأتي وقاحة وقلة حياء...

 

تدخلي، وأنا مرتاح الضمير، لخصته بعض الأقلام المأجورة بإيعاز من بعض المسؤولين بعمالة جرسيف، والتي خصت مقالا حول وصفي لرؤساء بعض الجماعات بـ "المتملصين من المسؤوليات الملقاة على عاتقهم" ووصفته بـ "فضيحة متصرف"، ونصحتُ بعض رؤساء الجماعات بالاقتداء برئيس المجلس الإقليمي الذي طالما غطا ضعفهم في عديد من المناسبات وتدخل لفك مشاكلهم في أخرى، خصوصا وأنني نبهت بعضهم إلى عجزهم عن توفير مربين ومربات للأطفال، والتمست منهم تقليص تكاليف بعض تبويبات الميزانية (البنزين، قطاع الغيار، سيارات الخدمة...) على سبيل المثال لا الحصر، وتوجيهها للنهوض بالتعليم الأولي تماشيا ومضامين الخطب الملكية الداعية إلى النهوض بالتعليم الأولي والتي جعلته من أولويات الدولة المغربية...

 

نُدرج بعض فيض من غيض، إذ لا يعقل أن يشتري رئيس جماعة ملياردير سيارة خدمة بمبلغ يفوق 36 مليون سنتيم ويحرم الساكنة من خدمات سيارة الإسعاف، ولا يعقل أن تخصص جماعة حضرية في ميزانية 2020 مبلغ 300 مليون سنتيم للبنزين، علما أنها لا تتوفر على آليات تستهلك كل هذا المبلغ، ولا يعقل أن يتم تخصيص بطائق الإنعاش الوطني للأهل والأقارب فقط وحرمان المعوزين والمصنفين في خانة الفقر والهشاشة، ولا يعقل أن تمنح جميع الصفقات وطلبات العروض للمقربين والمحظوظين وأبناء العمومة فقط وإقصاء المقاولين الشباب من أبناء الإقليم وغيرهم ممن يرغب في تحسين وضعه المعيشي عن طريق العمل المقولاتي الذي بوأته الدولة المغربية مكانة خاصة... كما لا يعقل أن يشتري رئيس جماعة قروية سيارة بمبلغ 30 مليون سنتيم أو أكثر وجماعته تعيش الويلات في غياب أبسط شروط العيش الكريم، ولا يعقل أن تنجز، بجل الجماعات الترابية، مشاريع "تنموية" بمبالغ خيالية دون أن تستفيد منها الفئات المعنية، وما خفي كان أعظم ...

 

موقفي هذا، وقف عنده عدد من المتتبعين للشأن المحلي بإقليم جرسيف، خصوصا بعد خلاصات دورات شهر فبراير، والتي أغضبت الجميع، منتخبين ومنتخبات من داخل مجالس جماعية ومواطنين ومواطنات ومتتبعين ومتتبعات ومهتمين ومهتمات بشؤون البلاد والعباد بهذه البقعة من المملكة المغربية التي باتت وأصبحت استثناء على الصعيد الوطني، خصوصا إذا استقرينا آراء من انتخبوا هؤلاء وندموا على ما فعلوه شر ندم، بالإضافة إلى انكشاف عدد من الملفات وصلت بعضها محكمة جرائم الأموال، وبعضها الآخر بات ينتظر تدخل قضاة جطو والمفتشية العامة لوزارة الداخلية للتدقيق في حيثياتها، بعد أن عجزت السلطات الإقليمية في وضع حد لهذا التسيب بمبرر الحفاظ على التوازن السياسي بالإقليم ودرءا للفتنة التي قد تخدم أطراف سياسية دون أخرى.

 

أصبح اليوم، وقبل أي وقت مضى، خصوصا وأننا نعيش أوقات وأيام السنة الانتخابية، تدخل السلطات الإقليمية من جديد وبيد من حديد لوقف جميع مظاهر الريع السياسيوي والانتخابوي وأوجه الفساد الذي باتت تعيش على إيقاعاته جل الجماعات الترابية ويمارسه بعض رؤساء الجماعات ومستشاريهم وعدد من المنتخبين، ومنهم من ينعم بخيرات القبة، والذين أصبح الرّأي العام يتداول أسماءهم في كل المناسبات وفي المقاهي والشارع العام، هي فرصة لتنقد السلطات الإقليمية ماء وجهها وتلميع صورتها وتقديم نموذج الإدارة التي طالما دعا إليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس عند كل مناسبة لتعين رجال السلطة الجدد.