مصطفى المنوزي: في نقد منهجية الاحتفاء بالذاكرة والحقيقة

مصطفى المنوزي: في نقد منهجية الاحتفاء بالذاكرة والحقيقة مصطفى المنوزي

عندما نتمسك بمطلب الحقيقة فليس لكي نعيد سؤال الشرعيات، ولكن لآجل آن لا يتكرر ما جرى من انتهاكات جسيمة في حق المواطنين والمناضلين والوطن على السواء، وبغض النظر عن الفاعلين والمسؤولين عن اقترافها، وبعد بلوغ الحقيقة لكل ذي مصلحة وصفة في أن يدين آو يسامح، شريطة أن يكون الكشف عن الحقيقة تشاركيا وحياديا، وهي مهمة  القاضي والمؤرخ في آخر التحليل.

 

إن توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة لم تعد حكاية يجترها الناس من أجل التسويق والتباهي، إنها التزام للدولة في شخص مكوناتها جميعا، من رئيسها إلى رئيس حكومتها. فما الذي تحقق في الشق السياسي منها؟ وكيف السبيل إلى مراجعة المقاربة التعويضية الفاشلة؟ وما وقع المسلسل على بناء الدولة القوية غير المخيفة؟ وما أثرها على مطلب القطيعة مع ماضي الاستبداد والحكم الفردي المطلق؟ وما هي ضمانات عدم التكرار ورد الاعتبار؟ وكيف سيجبر ضرر الحركة التقدمية التي تمت تصفيتها حتى صارت بدون بعد تحرري واجتماعي؟ وما مصير الملفات العالقة  ذات الصلة بالاختفاء القسري والحقيقة واسترداد الرفات والدفن الكريم؟ وكيف سيتم إغلاق الملف وطي الصفحة بكل عدل وإنصاف؟ وأيننا من استراتيجية عدم الإفلات من العقاب؟ وأين مصير الآلية الوطنية لاستكمال  الحقيقة؟

 

هي أسئلة ينبغي أن تكون موضوع تداول عمومي ومجتمعي تشاركي ومحل تقييم نقدي حقيقي نوعي لا كمي، ترافق إلزاما الحملات الوطنية حول مطالب الحقيقة الوطنية، وينبغي أن تؤطر خطابات وشعارات وتمثلات جميع المنخرطين في "2020 سنة المهدي بنبركة"...

 

صحيح أن لكل البدايات نواقص وتعثرات، لكن ينبغي أن يستمر مسلسل الحقيقة شاملا لكافة أجيال ضحايا الاختطاف والاغتيال  السياسيين دون شذوذ عن السياق والتاريخ.