نادي قضاة المغرب يعلن عن موقفه الرافض لمرسوم التعويضات

نادي قضاة المغرب يعلن عن موقفه الرافض لمرسوم التعويضات الشنتوف، رئيس نادي القضاة ومشهد من وقفة احتجاجية للقضاة
عبر نادي قضاة المغرب عن اندهاش مما اعتبره "هزالة التعويضات المقترحة بموجب مشروع المرسوم المقر التعويضات المخولة لفائدة القضاة، المزمع عرضه على المجلس الحكومي ليوم الخميس 16 يناير 2020 من أجل المصادقة عليه.
ويأتي هذا الموقف على خلفية بلاغ أصدره النادي، عبر فيه عن موقفه من التعويضات، واصفا إياها بأنها "لا تنسجم وحجم المهام الموكولة للقضاة وجسامتها، ولا حتى مع ما يقتضيه مبدأ استقلالية السلطة القضائية وكرامة أعضائها، خصوصا وأن القضاة لم يترددوا، طيلة العقود الماضية، في تقديم خدمات خارج مهامهم الأصلية دون أي تعويض يذكر".
وجاء في البلاغ الذي تتوفر جريدة
"أنفاس بريس"، على نسخة منه، إن التعويضات ستندرج ضمن الاقتطاعات الضريبية على الدخل، ورفض نادي القضاة اعتماد قاعدة عدم إمكانية الجمع بين التعويض عن مهام الإشراف والتسيير الإداريين، وبين التعويض عن الديمومة والتعويض عن الانتداب، "بالنظر إلى مجافاة ذلك لقواعد العدل والإنصاف، طالما أن التعويض عن الإشراف مستقل من حيث طبيعته عن التعويض عن الديمومة وعن الانتداب"، داعيا الحكومة إلى جعل نفاذ المرسوم المزمع إصداره ساريا بأثر رجعي، ليشمل حتى المدة التي تلت دخول القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية حيز التنفيذ، جبرا للضرر المترتب عن التأخير المشار إليه.
مسجلا في هذا الصدد، "باندهاش شديد، عدم إشراك الجمعيات المهنية للقضاة من طرف الحكومة في إعداد مشروع المرسوم المشار إليه، وهو ما أثر سلبا على جودة مضامينه، وعلى الموضوعية المفترضة في بنوده، خلافا لما يقتضيه منطق الواقع المعاش داخل محاكم المملكة في أحايين كثيرة".
ولاحظ "نادي قضاة المغرب"، أن التعويض المخصص لفائدة القضاة عن تنقلهم وإقامتهم، سواء داخل الدائرة القضائية أو خارجها، أو حتى خارج التراب الوطني، غير مرتكز على أساس موضوعي، وذلك وفق التالي:
• أن التعويضات المقترحة لا تستجيب حتى إلى المصاريف المفترض أداؤها من قبل القضاة، بمختلف درجاتهم، في إقامتهم وتنقلهم، خصوصا مع ارتفاع مؤشر الأسعار والمعيشة.
• أن تلك التعويضات لا تستجيب لضرورة التعويض عن التنقل حسب المسافة الكيلومترية المحددة، جزافا، في أكثر من 50 كيلومتر، إذ هناك بعض الدوائر الاستئنافية (العيون، الراشيدية .. إلخ) التي تستوجب تنقل القضاة في إطار مهامهم قطع أكثر من 500 كيلومتر ذهابا، ومثلها إيابا. 
• أن تلك التعويضات، وباعتبارها مصاريف مهنية، لا يجب تمييز قيمتها بحسب الدرجة، إلا إذا كان هذا التمييز إيجابيا لفائدة القضاة الأقل درجة، إذ لا يعقل أن يكون التعويض المخصص لقضاة الدرجة الاستثنائية أكثر من تعويض قضاة الدرجات الدنيا: الثالثة، والثانية، والأولى، مما يتعين معه، موضوعيا، أن تكون قيمة هذا التعويض متساوية بين كل القضاة بمختلف درجاتهم.
كما لاحظ النادي أن التعويض المخصص لفائدة القضاة عن الديمومة، والمحدد في مبلغ 400 درهم، هو الآخر غير مرتكز على أساس من الواقع المعاش، وذلك وفق التالي:
• أن التعويض المقترح يفتقر إلى الحدود الدنيا من الموضوعية والمعقولية، ذلك أن التعويض عن العمل أثناء الديمومة، وعلى غرار بعض القطاعات، لا يمكنه أن يقل، كحد أدنى، عن نسبة 150 في المائة من أجرة اليوم الواحد في الحالات العادية، أو بزيادة ضعفها.
• أن مفهوم الديمومة المعتمد في مشروع المرسوم، والذي حددها فقط في: أيام العطل الأسبوعية، والأعياد الدينية والوطنية، يعتبر مجحفا، وذلك لإقصائه الكثير من الحالات العملية الشائعة، خصوصا تلك التي يستمر فيها عمل بعض الهيآت القضائية خارج ساعات العمل الإداري، وتمتد جلساتها إلى صبيحة اليوم الموالي، أو تلك التي يعمل فيها قضاة التحقيق وقضاة النيابة العامة المداومين طيلة أيام الأسبوع بعد الوقت الإداري في المساء والليل.
• أن تحديد سقف الاستفادة من التعويض عن الديمومة في مدة أقصاها ستة أيام، يعتبر، هو الآخر، مجحفا وغير منطقي، ذلك أن هناك من قضاة التحقيق والنيابة العامة في الكثير من المحاكم، من يقومون بضمان سير المرفق القضائي طيلة الشهر، أو لأسبوعين داخل الشهر الواحد كحد أدنى، ليلا ونهارا.
وبخصوص التعويض المخصص لفائدة بعض القضاة عن الإشراف والتسيير الإداريين، فهو في نظر نادي القضاة "غير مرتكز على أساس من الواقع والعدل والإنصاف، وذلك وفق التالي:
• أن مفهوم الإشراف والتسيير الإداريين المعتمد من قبل واضع المشروع، يعد مجحفا لفئات هامة من القضاة الذين يقومون بأعباء إدارية إضافية عن عملهم القضائي، وذلك من قبيل رؤساء مراكز القضاة المقيمين، الذين يشرفون، من حيث الواقع، على محاكم صغيرة، وكذا رؤساء الأقسام: الجنحية، والمدنية، والقسمين التجارين والإداريين المزمع إحداثهما في ضوء مشروع قانون التنظيم القضائي.
• أن التعويض (1.500 درهم) المخصص للنواب الأولين للرؤساء الأولين بمحاكم الاستئناف، وللنواب الأولين للوكلاء العامين للملك بمحاكم الاستئناف، يعد مجحفا بالنظر إلى المهام الإدارية التي يقومون بها فعليا نيابة عن رؤسائهم، وطيلة أيام الأسبوع.
• أن التعويض (1.000 درهم) المخصص للنواب الأولين لرؤساء المحاكم الابتدائية، وللنواب الأولين لوكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية، يعد مجحفا بالنظر إلى المهام الإدارية التي يقومون بها فعليا نيابة عن رؤسائهم، وطيلة أيام الأسبوع.
• أن التمييز بين التعويض (2.500 درهم) الممنوح لرؤساء: أقسام الأسرة، وجرائم الأموال، وقضاء القرب، وكذا للنواب المكلفين بتسيير النيابة العامة في هذه الأقسام، وبين التعويض المخصص للنواب الأولين المذكورين في البندين الآنفين، يعتبر غير منطقي وغير واقعي، خصوصا إذا ما علمنا درجة العبء الذي يتحمله هؤلاء الأخيرون، والمنضاف إلى عملهم القضائي الأصلي.
• أن التعويض المخصص للمسؤولين القضائيين، سواء في محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية، غير ملائم لما يتولونه من مهام جسيمة تمثيلا للسلطة القضائية من جهة، وللإدارة القضائية من جهة أخرى.
وتأسيسا على ما سلف من ملاحظات، عبر "نادي قضاة المغرب" عن رفضه لهذا المرسوم، داعيا الحكومة إلى تعديله بما ينسجم ومكانة السلطة القضائية ضمن السلط الثلاث، أخذا بالملاحظات الموضوعية المذكورة.