إذا كانت ذكرى 11 يناير، قد شكلت منعطفا حاسما في سيرورات النضال الوطني في اتجاه كسب رهان التحرير واستكمال الوحدة الترابية، فهذا الرهان، ما كان له أن يتحقق على أرض الواقع، لولا وحدة الصفوف والتعبئة الجماعية بدون قيد أو شرط دفاعا عن الوطن، بعيدا عن مفردات النعرات والخلافات والتشرذم والشتات، واليوم، وفي ظل الرهانات المعقودة على "النموذج التنموي المرتقب" لتصحيح مسارات التنمية وتحقيق التوازنات الاجتماعية والمجالية، وقياسا لما يعتري الكثير من مجالاتنا الريفية والحضرية من مشاهد البؤس والهشاشة والإقصــاء، واستحضارا لارتفاع منسوب اليأس والإحباط وفقدان الثقة، وما يرتبط بذلك، من شيوع ثقافة العبث والتهور والانفلات القيمي والأخلاقي...
لا خيار لنا، ســوى، أن نعود لتاريخنا المشرق الزاخر بالبطولات والأمجاد، لنأخذ العبرة، مما صنعه الأجـداد ، من قيم التضحية والوطنية والكفاح والوفاء للوطن ولثوابت الأمة، بنبل ورقي وصفاء وسخــاء، من منطلق أن "المرحلة القادمة" المرتبطة بالنموذج التنموي المرتقب، لا يمكن كسب رهاناتها، إلا بمواطنين شرفاء ونزهاء، يقطعون مع ممارسات الخلافات الهدامة والنعرات السامة، يكرسون كل الطاقات والقدرات، من أجل الوطن، بعيدا عن "اللغط" و"الزلات" و"الخرجات" المجانية، وإذا كانت "معركة الأمس" قد ارتبطت بتحرير الوطن من الاستعمار، فإن "معركة اليوم" ترتبط بتخليص الوطن من أورام "الفقر" و"الجهل" و"الإقصاء" و"العبث" و"الريع" و"الفساد"... وهي فرصة للترحم على موقعي "وثيقة 11 يناير" وعلى كل الشهـداء الذين قضوا ذات يوم، دفاعا عن الوطـــن...