عبد اللطيف حميمصة: قرارات حكومة الإسلام السياسي أعادت المغرب عقودا إلى الوراء

عبد اللطيف حميمصة: قرارات حكومة الإسلام السياسي أعادت المغرب عقودا إلى الوراء عبد اللطيف حميمصة

هل تتفق مع وصف سنة 2019 بالجهنمية على مستوى حصيلة حكومة البيجيدي؟

كل حديث عن طبيعة القرارات الحكومية لما بعد 2012 يجب أن ينطلق من تحديد أثر هذه القرارات على مختلف شرائح المجتمع المغربي، وبالأخص الطبقة الوسطى، لأنها محرار قياس استقرار ورخاء المجتمع. وهنا نستحضر قساوة هذه القرارات سواء تعلق الأمر بالإصلاح المقياسي للصندوق المغربي للتقاعد أو القرار المتعلق بتحرير أسعار المحروقات، لأن القرار الأول استهدف في العمق فئة الموظفين التابعين للصندوق، والقرار الثاني تسللت من خلاله أيادي لوبيات المحروقات ومعها كل الجهات المتدخلة والمضاربة والمتحكمة في الأسعار..

كل ذلك باسم تخفيف الضغط على الاعتمادات المرصودة لصندوق المقاصة كمكسب للفئات الفقيرة وللطبقة المتوسطة منذ عقود، لكن هل هذا التخفيف صاحبته إجراءات تهم نفقات البذخ الحكومي والبرلماني؟ مثل تأثيث المكاتب المكيفة وتجهيزها، واقتناء السيارات والسفريات والعديد من الإمتيازات.. أكيد لا...

بمعنى أن حكم البيجيدي أجهز على مكاسب الشعب المغربي؟

هذا ما يؤكد أن المشكل يكمن أساسا في أن الحكومتين المتعاقبتين منذ 2012 سعتا إلى اعتماد الحلول السهلة، إذ عوض الإبداع وتوفير مناخ يساعد على خلق الثروة وحسن تدبير مدخراتها كان التوجه مباشرة نحو جيوب المواطنين سواء من خلال إصلاح صندوق التقاعد أو صندوق المقاصة.. وبالمقابل تم تشجيع اقتصاد الريع من خلال تعطيل أهم بنود الدستور المتعلقة بحسن تدبير مالية المرفق العام، ونعني بذلك مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعوضا عنها أصبحنا ندبر ببدعة «عفا الله عما سلف» بما لها من إيحاء بالتشجيع على الإفلات من العقاب، والتي كانت شعارا مركزيا في تعامل بنكيران مع المفسدين وعلى نهجه سار سعد الدين العثماني.. إذ كانت الغاية هي إضعاف الطبقة المتوسطة، لتفقد شهيتها في الوصول إلى مجتمع المساواة وتكافؤ الفرص.. وفتح المجال للانتهازيين منها إلى الالتحاق بدائرة الريع السفلية والتخلي عن دورها في قيادة التحول أو الاستمرار في المشاركة الإيجابية في مواصلة الإصلاحات التي تم تدشينها مع حكومة التناوب وتواصلت مع حكومتي جطو وعباس الفاسي.

في تقديرك الشخصي ما هو أخطر وأغرب قرار اتخذته الحكومة سنة 2019؟

إن الطبقة المتوسطة قد هوت بفعل قرارات هذه الحكومة إلى قاع الفقر، لتبدأ عملية التشكيك والعدمية.. وكلها مظاهر تخدم مشروع حزب العدالة والتنمية وسيتأكد هذا التوجه الحكومي من خلال أغرب وأصعب قرار تم اعتماده سنة 2019 والمتعلق بإشهار الحكومة لفيتو الفصل 77، القاضي برفض المقترح الذي وافق عليه مجلس المستشارين والقاضي بإعفاء معاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل، وهو مقترح ذي بعد اجتماعي صرف تقدم به الفاعل الاجتماعي ونال موافقة القوى السياسية والمهنية الطامحة إلى إنقاذ الطبقة المتوسطة للمجتمع..

قلت أغرب قرار، لأن بالمقابل تم إقرار الإعفاء الضريبي على معاشات البرلمانيين ولست أرى أكثر من هذا دليلا على لا اجتماعية قرارات هذه الحكومة علما أن قرار إعفاء المتقاعدين كان يهم ما يزيد عن مليوني متقاعد يشكلون دعامة الطبقة الوسطى للمجتمع وهي الفئة الأكثر استهلاكا. بهذا تكون حكومتا ما بعد 2012 قد أعادتا المغرب عقودا إلى الوراء.