ما يرويه أجدادنا "الفلكيون عن فترة "الليالي" بالمغرب.. اقرأ التفاصيل

ما يرويه أجدادنا "الفلكيون عن فترة "الليالي" بالمغرب.. اقرأ التفاصيل عندما يرتفع فيها منسوب البرد القارس في "الليالي" نحتاج للتدفئة

في هذه الورقة التي تتقاسمها "أنفاس بريس" مع القراء، والتي تم الاعتماد فيها على مجموعة من الوثائق والأخبار والتقارير الإعلامية المرتبطة بالزمن الفلاحي في علاقة مع أحوال الطقس، نستقرئ كفاءة ثقافة موروثنا الشعبي على مستوى المناخ (قبل ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية)، انطلاقا من سؤال: كيف وصف عقل أجدادنا "الفلكيين" فترة "الليالي"،( 40 يوما بلياليها)؟

 

تعتبر ليلة 25 دجنبر أول ليلة من فترة الليالي وفق حسابات فلكية ترسخت في ثقافة الطقس والمناخ الشعبية، حيث تنطلق أربعينية الشتاء التي يطلق عليها وصف "الليالي"، على اعتبار أنها من أشد أيام فصل الشتاء معاناة مع شدة برودة الطقس حيث يرتفع فيها منسوب تساقط الثلوج بمرتفعات قمم الجبال .

 

وقد سميت بـ "الليالي" تلميحا لـ 40 يوما بلياليها ونهاراتها الباردة التي تحتاج للمقاومة، خاصة من حيث الاستعداد لتوفير خشب التدفئة وعلف البهائم وتخزين مؤونة البشر لتزويد  الجسم بالطاقة الحرارية.

 

كيف وصفت الثقافة الفلكية والمناخية الشعبية فترة "الليالي"؟

حددت الثقافة المناخية الشعبية انطلاق فترة "الليالي" ابتداء من يوم 25 دجنبر من كل سنة، إلى غاية اليوم الثاني من شهر فبراير. وحسب تراكم التجربة وتوالي السنوات فقد ميزت ثقافتنا المناخية الشعبية هذه الليالي بشدة برودتها على مدار 24 ساعة، واستمرار التساقطات المطرية (قبل الاحتباس الحراري والتأثيرات المناخية)، فضلا عن أنها تساعد على تشكل الندى فجراً، ونفث البخار من فم الإنسان والحيوان، وسقوط أوراق الشجر.

 

وتنقسم "الليالي" حسب "ضباط" مناخ ثقافتنا الشعبية إلى:

- الليالي البيض: "الليالي البيض" تستمر لمدة عشرين يوماً ، حيث يرتفع فيها منسوب البرد القارس، وتشتد فيها عواصف الرياح وعلو موج البحر، ويستشعر فيها الإنسان دخول فصل الشتاء من خلال الإحساس الشديد ببردها القارس الذي تألقت فيها ثقافتنا الشعبية وصفا بالقول:

(تحس بالبرد يسكن العظام)؛ وبدورها تنقسم "الليالي البيض" إلى :

ـ الليالي الكوالح: مدة الليالي الكوالح عشرة أيام، حيث تبتدأ صباح يوم 25 دجنبر من كل سنة، وتنتهى يوم 3 يناير .

ـ الليالي الطوالح: مدتها عشرة أيام، وتنطلق من صباح يوم 4 يناير من كل سنة، وتنتهى مساء يوم 13 من نفس الشهر.

ـ الليالي السود: أطلق عليها هذا الوصف (الأسود) لأنها حسب ثقافة أجدادنا المناخية ،عادة ما تكون ليالي جامدة وأشد برودة، ويستهلك فيها الإنسان كثرة الخشب والتقرب من الأفرنة و مواقد النار وأجهزة التدفئة التقليدية والعصرية.

 

ورغم قساوتها تعتبر الليالي السود فترة زمنية من "الليالي" يتفاءل بها أجدادنا نظرا لتزامنها مع تفتح أوراق الأشجار المثمرة والزهور ، وينعكس ذلك على بيئة ومحيط الإنسان إيجابا.

 

وكان أجدادنا يرددون هذا المثل الشعبي الضاج بالخير والبركة والمرتبط بالمنتوج الفلاحي والزراعي (الليالي السود يتفتح فيها كل عود)، حيث تكتسي الحقول والبساتين لون الخضرة، وتتخذ كل المزروعات أشكالها وتتفتح ورودها وأزهارها خلال هذه المدة لكي تواصل نموها بقية فصل الشتاء ؛ وتنقسم بدورها إلى:

- الليالي الموالح: مدتها عشرة أيام، وتبتدأ صباح يوم 14 يناير من كل سنة، وتنتهى مساء يوم 23 يناير.

- الليالي الصوالح: مدتها عشرة أيام، وتبتدأ صباح يوم 24 يناير من كل سنة، وتنتهى مساء يوم 2 فبراير.

 

هذا التقسيم الزمني الذي اعتمدته الثقافة المناخية الشعبية هو الذي شكل عبر التاريخ مجموع ليالي الشتاء الباردة (أربعون ليلة). إلا أنها تتبعها 10 ليالي وصفها أجدادنا بمميزات تقلب أحوال الطقس، فعادة تكون يحس الإنسان فيها بالدفء، وتارة أخرى يشعر فيها بالبرد القارس، وتعرف هذه الليالي باسم "العزازة".

 

هذه الليالي تليها ثلاث ليال شديدة البرودة تبتدأ حسب الثقافة الشعبية من صباح يوم 12 يناير من كل سنة، وتنتهي مساء يوم 14 يناير، وتعرف في قاموس المناخ الشعبي باسم "قرة العنز".