تمحضيت.. نشطاء يطالبون بوقف الزراعات الجائرة بالمناطق الجبلية

تمحضيت.. نشطاء يطالبون بوقف الزراعات الجائرة بالمناطق الجبلية جانب من الندوة

احتضنت تمحضيت أشغال اللقاء الجهوي حول : " المناطق الجبلية وإشكالية الزراعات الجائرة "، وهو اللقاء الذي أشرفت على تنظيمه تنسيقية إقليم إفران للإئتلاف المدني من أجل الجبل.

في مستهل هذا اللقاء العلمي الذي عرف حضور عدد هام من الفاعلين المدنيين والمنتخبين والمهتمين بالحفاظ على البيئة قال محمد الديش المنسق الوطني للإئتلاف المدني من أجل الجبل إن المناطق الجبلية في العالم ككل معرضة لخطر الأمن الغذائي، مضيفا بأن هذا الخطر يزداد تفاقما بسبب ممارسات بعض المستثمرين والمزارعين والتي تلحق أضرار فادحة بالموارد المائية والتربة، مضيفا بأن الضغط الذي أضحت تعاني منه الموارد المائية، تسبب في العجز المائي في المغرب والذي يسير حاليا نحو التصاعد، حث تراجعت حصة الفرد من الماء من  متر مكعب 1010 عام 2000 إلى 720 متر مكعب عام 2013، وهو الأمر الذي تسبب في نزاعات وتوترات في عدد من المناطق المغربية، مضيفا بأنه كلما تم الضغط على الموارد المائية، وخاصة الفرشاة المائية، كلما تقلصت حظوظ الإستدامة، لكونها موارد غير متجددة.

كما تطرق الديش إلى الإستنزاف الكبير الذي تعاني منع التربة، دون منحها أي فرصة للراحة البيولوجية، حيث يظل هاجس مضاعفة الإنتاج من طرف كبار المستثمرين سيد الموقف، فضلا عن استعمال الأسمدة والمواد الكيماوية التي تلحق أضرار فادحة بالتربة والماء والتنوع البييولوجي على المدى البعيد، موضحا بأن الزراعات الجائرة التي لا تضمن الإستدامة والتي انتشرت بشكل كبير في المناطق الجبلية في السنوات الأخيرة لا تستهدف تحقيق الأمن الغذائي، بل هي موجهة أساسا للتصدير، وبدل أن تساهم في إنتاج الثروة، تؤدي إلى إنتاج الفقر.

داعيا في تصريح لجريدة "أنفاس بريس" إلى ضرورة التصدي لهذا الإستغلال الكبير للمناطق الجبلية والذي يهدد حاضر ومستقبل الأجيال القادمة، من خلال التفكير في بلورة مشاريع للفلاحة والسياحة المستدامة، واعتماد تخطيط زراعي يراعي المناطق ذات الهشاشة من حيث الموارد المائية ومن حيث التربة، كما دعا أيضا إلى ضرورة تدخل الدولة لردع مستغلي هذه الزراعات الجائرة، التي تدمر الموارد، وتشجيع الفلاحين على الزراعات العضوية ذات القيمة الأعلى، بدل الإنتاج الكمي، علما أن المناطق الجبلية لا تصلح للإنتاج الكمي بقدر ما تصلح للإنتاج النوعي ذي القيمة العالية.

من زاويته أشار جمال فزة، أستاذ علم الإجتماع وأحد النشطاء في حماية البيئة في تصريح لجريدة"أنفاس بريس" إلى أن الأراضي ذات المناخ الجاف مثل الأراضي الواقعة بإقليم الراشدية وإقليم فجيج والتي تحتضن استثمارات زراعية ضخمة لإنتاج أجود أنواع التمور الموجهة نحو التصدير، إن هذه الأراضي من الصعب عليها استيعاب زراعات جائرة ،ففي ذلك – يضيف - مساس بالفرشة المائية، ومساس بالمجتمع الواحي القائم على الزراعة التضامنية والعائلية، مؤكدا أن الإستدامة ينبغي أن تكون هي المحور الأساس لسياسات الدولة وليس الإنتاجية ، مضيفا بأن إنعاش الزراعة التضامنية والعائلية في هذه المناطق سيساهم في استقرار الساكنة وتنميتها، علما أن الزراعات الرأسمالية لا تعود بأي نفع على هذه المناطق، بل إنها تلحق أضرار فادحة بمواردها المائية، وشدد محاورنا أيضا على أهمية بلورة سياسات مندمجة أساساها تحقيق العدالة البيئية وليس تحقيق النمو بالمفهوم الإقتصادي.

في نفس السياق تطرق محمد صابير، الخبير في التهيئة المستدامة للماء والتربة إلى تراجع قيم التضامن في المناطق الجبلية، وفي عدد المناطق القروية ودخول زراعات جائرة يقف خلفها مستثمرون كبار، والذين قاموا بحفر الآبار سعيا وراء تطوير الإنتاج الزراعي دون الإكتراث لأهمية الحفاظ على الموارد المائية، مقدما مثال ضاية عوا التي جفت نتيجة استنزاف الفرشاة المائية، بحفر العديد من الآبار بالمنطقة بعمق كبير، مضيفا بأن ساكنة المنطقة تؤدي ثمن هذا الإستنزاف حاليا، كما قدم مثال آخر ويتعلق بدخول مستثمرين في قطاع تربية الماشية إلى المناطق الجبلية بتنسيق مع بعض الرعاة وعقد شراكات في هذا الإطار من أجل مضاعفة أعداد قطعان الماشية، مما تسبب في اندثار ما يعرف ب " القطيع العائلي" الذي لا يتجاوز 50 رأس، الأمر الذي قاد إلى الرعي الجائر، بما يعنيه من استنزاف للموارد الغابوية.

وأكد صابير في ختام مداخلته خلال هذا اللقاء على أهمية كون الجبل هو أساس الثروة مستقبلا، لما يتوفر عليه من تنوع بيولوجي، علما أن الأطلس المتوسط يعد صهريج المغرب المائي، مشيرا أنه أضحى الآن ملاذ المستثمرين أمام تراجع جودة التربة والموارد المائية بكل من سوس ودكالة وبركان، وهو الأمر الذي يفرض على الفاعلين المدنيين والمنتخبين وساكنة المناطق الجبلية الترافع من أجل هذه المناطق لمواجهة الزراعات الجائرة الموجهة أساسا نحو التصدير، وبلورة تصور واضح لتطوير الزراعات المستدامة.