مروة بفيس: أحاديث جانبية في معنى "يسار ديمقراطي" وأشياء أخرى؟!

مروة بفيس: أحاديث جانبية في معنى "يسار ديمقراطي" وأشياء أخرى؟! مروة بفيس

حملت التدوينة الأخيرة للدكتور علي بوطوالة، والتي اختار لها "وحدة اليسار بين الخطاب والممارسة" عنوانا، مجموعة أفكار تثير الأسئلة وتفتح باب النقاش.

 

في "اليسار الديمقراطي":

تحدثت التدوينة عن "يسار ديمقراطي"، وهو ما يفترض وجود يسار ليست له هذه الصفة، بمعنى أن الديمقراطية لا تشكل، بالضرورة، محددا من محدداته، سواء من حيث الهدف أو المبدأ أو الممارسة، أو هي كلها في آن، وعليه وجب إضافة الصفة لتمييز يسار من يسار، أو لتمييز جزء من اليسار عن جزء آخر. وهو ما يعني، اعتمادا على التسمية المستعملة، أن في المغرب، على الأقل، يساران، أحدهما ديمقراطي والأخر ليس بديمقراطي، أو أن الأمر يتعلق بكون جزء من اليسار المغربي هو الحامل لصفة الديمقراطي. وعليه، هل الوحدة تشمل اليسار ككل في المغرب؟ أم تشمل ذاك "اليسار الديمقراطي" فقط؟ هذا دون أن ننسى "يسارا مناضلا" سبق وأشار له الدكتور علي بوطوالة في حوار أجرته معه جريدة "الطريق" في العدد 315. فهل اليسار المناضل هو اليسار الديمقراطي؟ وهل اليسار الذي قد لا يكون ديمقراطيا هو اليسار المناضل؟ وهل الفيدرالية تمثل هذا "اليسار الديمقراطي"؟ أم أنها تمثل قسما منه؟

 

في "الوحدة":

الوحدة في التدوينة ليست واضحة، بمعنى أنه لم تحدد ماذا يجب توحيده بالضبط، فهل الوحدة هي الاندماج؟ أم أن الاندماج شكل من أشكالها؟ بمعنى آخر، هل يمكن أن توجد وحدة لا تتخذ الاندماج شكلا ضروريا لها؟ على أن الاندماج نفسه ليس واضحا، ماذا يكون بالضبط؟

 

والتدوينة تنفي قيام وحدة بين مكونات هذا "اليسار الديمقراطي"، نظرا لكونه يدعو لضرورتها، وهو العامل في نفس الوقت على إفشالها، فهل يعني هذا تناقضا بين خطاب هذا اليسار وممارسته؟ وإن كان الأمر كذلك، فهل هو أمر طارئ؟ أو هو يدخل في طبيعة هذا اليسار؟ وإن كان الأمر كذلك، فهل يعني أن هذا اليسار الذي يصف نفسه بالديمقراطي يعمل عكس الديمقراطية؟ بمعنى آخر، هل هذا "اليسار الديمقراطي" يدعي الديمقراطية؟ هذا على افتراض أنه حدد الديمقراطية التي يتحدث عنها.

 

في "الانتخابات":

تقول التدوينة أن الانتخابات يتم "هندستها قبليا"، ومعنى الهندسة أن هذه الانتخابات صممت بشكل يضمن نتائج محددة وفق شروط معينة، ومادامت النتائج محددة سلفا، فكيف سنقنع الناس بالمشاركة فيها؟ على أن هذا القول يعمل ضد ما تقوله حملة الفيدرالية على الفيسبوك، والتي تدعو للتصويت من منطلق المساهمة في التغيير، ويمكن نسأل التغيير لصالح من بالضبط؟ وهل تسقيم المشاركة في شيء محدد سلفا؟

 

في "المؤسسات":

مادام مشروع الفيدرالية يدافع عن موقع له داخل المؤسسات المنتخبة، والتي تحدد الانتخابات المهندسة سلفا نتائجها، فما هي الضمانات التي تكفل أن لا تصبح الفيدرالية أداة من أدوات الهندسة؟ وكيف يمكن العمل من داخل مؤسسات هُندست انتخاباتها سلفا؟ هل الأمر تبرير لهذه الهندسة وقبول بها؟ بمعنى آخر، هل هذا يعني عملا في حدود ما تسمح به الهندسة القبلية للانتخابات؟ وهل هذا التغيير الذي تدعو له الفيدرالية ينتظر المفاجأة الممكنة؟

 

في "الدكان السياسي":

تقول التدوينة أن الفيدرالية هي ما سيسمح باستمرار مكونات اليسار، ربما الديمقراطي وغير الديمقراطي، كقوى فاعلة، وليس كدكاكين سياسية. وعليه فالأمر يعني أن مكونات اليسار هي إما الآن دكاكين، بكل الحمولة القدحية التي تحملها الكلمة، والمنقذ لها هو مشروع الفيدرالية، أو أنها ستصير تلك الدكاكين، ومنه، هل حزب الطليعة مجرد دكان سياسي؟ أم أنه إن استمر وجوده سيصير هذا الدكان؟ وماذا يمنع أن تصير الفيدرالية دكانا سياسيا؟

 

في "الرؤى الحزبية الضيقة":

كيف يمكن أن تكون الرؤى الحزبية ضيقة؟ هل هي دائما تتصف بالضيق؟ بمعنى آخر، هل الرؤى الحزبية ينبع ضيقها من كونها صادرة عن حزبٍ؟ أم أن الأمر طارئ في رؤى معنية مهما كان الحزب الذي تصدر عنه؟ فإن كانت ضيقة دائما، فهل بناء حزب جديد سيحل هذه المشكلة؟ وإن كان الضيق سببه شيء في الحزب فما هو بالضبط؟ لكن الرؤى الحزبية الضيقة في التدوينة ليست مرتبطة بحزب بعينه، ربما بطبيعة اليسار، فهل هذا يعني أن بناء حزب جديد سيعيدنا لنقطة الصفر، بمعنى إعادة إنتاج رؤى حزبية ضيقة جديدة؟ وهل رؤى حزب الطليعة، مثلا، ضيقة، أم بعض منها هو الضيق فقط؟