سعيد شكاك : "السوشيال ميديا" وسعت من الحرية على حساب أخلاقيات المجتمع

سعيد شكاك : "السوشيال ميديا" وسعت من الحرية على حساب أخلاقيات المجتمع سعيد شكاك
عرف المجتمع الحديث ثورة هائلة في تكنولوجيا الاتصال عبر وسائل، وصفحات التواصل الاجتماعيّ المتعددة الأنواع والأشكال؛ أو ما يطلق عليها social media، وكما أن لهذه الوسائل آثارا إيجابيّة فإن لها آثارا سلبية كذلك؛ وخاصة عندما تبتعد عن غاياتها النبيلة عبر الابتزاز المادي والمعنوي؛ وتتجه نحو ترويج التفاهة والتضبيع والأخبار الزائفة.
"أنفاس بريس" ناقشت هذا الموضوع مع سعيد شكاك دكتور في الحقوق وباحث في السياسات الإعلامية، الذي أعد الورقة التالية:
يعد "الاتصال" العملية التي تنتقل بها الرسائل من مصدر معين إلى مستقبل واحد أو أكثر، وذلك بهدف تغيير السلوك. كما تهتم وسائل التواصل الاجتماعي في المجتمعات المتقدمة أو التي تسير في طريق النمو بغرس الرغبة في التغيير وإدخال طرق جديدة للتفكير والسلوك وإكساب المجتمع معلومات واقعية وأخبار عن العالم الخارجي. كما أن وسائل الاتصال الحديثة ليست مصدرا للتسلية والترفيه بقدر ما هي أدوات للتعليم والتطوير والتركيز على المستقبل.
أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي من فيسبوك، وتويتر، وانستغرام وغيرها من الوسائل الحديثة، تعد آصرة بين مغاربة العالم وبلادهم، فهي لا تخبرهم فحسب، وإنما تشكل وعيهم بالمغرب، سيما بالنسبة إلى الأجيال الثَّانية والثالثة.
وتساهم وسائل التواصل الإجتماعي في تنشيط الحياة السياسية والمجتمعية بالمغرب، كما تجسد السلطة الرابعة التي تمثل أحد روافد الديمقراطية،فضلا على أن وسائل التواصل الاجتماعي تعد إحدى البوابات الأساسية، التي ينبني عليها مجتمع المعلومات والمعرفة، إلا أنها تثير في الوقت نفسه جملة من الأسئلة، إن لم نقل الانشغالات والمخاوف، المهنية والأخلاقية، والتي تقترن حتما بالأدوار الجديدة التي يجب أن تنهض بها هذه الوسائل، خدمة للذات والمجتمع والحضارة.
لم تعد هناك حاجة للتدليل على أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، في حياة المواطنين المغاربة، وخاصة الشباب منهم، وتفيد إحصائيات صدرت، مؤخرا، بخصوص استعمال المغاربة للإنترنيت، أن هذه الأولى تستخدم من أجل الإخبار (الإعلام) بنسبة 62%، ثم بعد ذلك تستعمل لأغراض مهنية وللتواصل مع الأقارب والشراء ؛والتسوق عبر الشبكة العنكبوتية لا يتعدى7%، كما أنه بالنسبة للشبكات الاجتماعية التي تحتل المرتبة الأولى من حيث الاستعمال، وإن الدافع الأول المعبر عنه للولوج إليها، يظل هو الرغبة في الاطلاع على الأخبار.
وتجدر الإشارة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تشكل جزءا من أنظمة المجتمع الأخرى، يتأثر بها وتتأثر به، لذلك يجب ألا نعتبر وسائل التواصل الاجتماعي جزيرة منعزلة عن العالم الخارجي، بل عنصرا شديد الارتباط بالبنيات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي تتواجد بها، ويدخل ضمن مختلف أوجه النشاط البشري، فوسائل التواصل الاجتماعي تفرز سلوكيات التقليد والمحاكاة، وتشكل بالنسبة للمتلقي عتبة ضرورية لاكتساب هوية الانتماء، وبصفة عامة تعد أحد الأدوات الفاعلة في التنشئة الاجتماعية. علاوة على أن لوسائل التواصل الاجتماعي في المجتمع الديمقراطي العديد من الوظائف المتميزة، وإحدى هذه الوظائف هي وظيفة الإعلام والتثقيف والتوعية، ولكي يتخذ المواطنون قرارات حكيمة حول سياسة عامة أو عمومية، يجب أن يحصلوا على معلومات صحيحة تصلهم في الوقت المناسب وتكون غير منحازة، ونتيجة لاختلاف الأفكار، يحتاج الناس أيضا إلى التمكن من الاطلاع على أكثر من وجهات النظر والآراء بشأن القضايا الهامة. كما أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تستطيع بمفردها أن تحقق تنمية اجتماعية واقتصادية ما لم يكن هناك مشاركة إيجابية لقيادات واعية مستنيرة وقوى بشرية كافية ورأس مال يمكن أن يحقق الأهداف التنموية.
وفي الأخير وجب التنبيه إلى أن وسائط التواصل الاجتماعي ساهمت في المزيد من الحرية على حساب أخلاقيات المجتمع المترسبة.